الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراعى الضوابط الشرعية في إنكار المنكر

السؤال

أختي وجدت أخي مع ابنة عمي متبرجة ومن غير حجاب يتحدثان في المنزل وحدهما فقامت بعتاب كل منهما فقامت ابنة عمي وأمها بالتشاجر معنا وانفصلت العائلتان، وأخي لا يكلم أمه وأخواته، فهل ما فعلته أختي صحيح أم لا؟ مع العلم أنها تتكلم معه على الهاتف النقال كل ليلة، وزوجة عمي قامت بتشويه سمعتنا أمام الناس وأمام كل من يأتي لخطبتنا، فماذا نفعل؟ أرجوكم ردوا علي بأسرع وقت ممكن.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخلوة الرجل بامرأة أجنبية أمر خطير وباب إلى الفساد عظيم، روى أحمد والترمذي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.

فقد أحسنت أختك بالإنكار عليهما، فإن إنكار المنكر واجب، روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.

لكن يجب عليك أن تراعي فيه ضوابط تغيير المنكر وتجنب التعنيف وكل ما يؤدي إلى مفسدة أعظم من ذلك المنكر، وينبغي الاستمرار في نصحهما بأسلوب طيب وأن يبين لهما أنه لا تجوز المحادثة بينهما لغير حاجة لكونهما أجنبيان عن بعضهما.

وأما عدم تكليم أخيك لأمك فمنكر عظيم، وفيه عقوق لها، فلا يجوز هجر الوالدين، أو أحدهما على كل حال، فإن الله تعالى قد أمر بصحبتهما ولو كانا كافرين، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15}.

وراجع الفتوى رقم: 23434.

وكذلك هجره أخته لا يجوز ما لم يكن له مسوغ شرعي، وإن كان لكونها قد قامت بنصحه فقد أساء بذلك، بل إنه أولى بالهجر، لكونه ارتكب معصية، وانظري الفتوى رقم: 25074.

واعلمي أن الشرع قد حث على الألفة والمودة بين المسلمين، ويتأكد ذلك في حق ذوي القرابة، فلا ينبغي أن يدعوا مجالا للشيطان لينزغ بينهم، فما حدث من تهاجر بين العائلتين أمر منكر، وكذا ما ذكرت من أن زوجة عمك تقوم بتشويه سمعتكم، فننصح بالسعي في الصلح، ففي الصلح خير كثير، وراجعي فيه الفتوى رقم: 138046.

ونوصيكم بالاستعانة بالله تعالى والتضرع إليه أن يؤلف بين قلوبكم ويصلح ذات بينكم، وأن ييسر لكن أزواجا صالحين، وإذا قدر الله لكن ذلك فلن يرده كيد كائد، أو حسد حاسد، قال تعالى: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {التوبة: 51}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم موصيا ابن عباس ـ رضي الله عنهما: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

فاعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني