الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ إبرة لتصغير الأنف

السؤال

أعلم أن عمليات التجميل محرمة لأن فيها تغييرا لخلق الله.. ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت تقنية تجميل جديدة وهي لا تكون على الدوام هي عبارة عن إبرة لتصغير الأنف تدوم سنة واحدة.
ما أود معرفته هو حكم هذه الإبرة؟ مع العلم أن نفسيتي تتدهور شيئا فشيئا بسبب أنفي. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتجميل يقع على نوعين، فمنه ما يكون لإزالة عيب أو دفع ضرر، فهذا لا بأس به، ومنه ما يكون لمجرد التحسين فهذا هو الممنوع، وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. قال أبو زكريا النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: وأما قوله: المتفلجات للحسن فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس. انتهى.

وقال العلامة العثيمين رحمه الله: أما موضع التجميل الذي ذكر، فالتجميل نوعان: النوع الأول: إزالة عيب. والنوع الثاني: زيادة تحسين. أما الأول فجائز إزالة العيب فلو كان الإنسان أنفه مائل فيجوز أن يقوم بعملية لتعديله، لأن هذا إزالة عيب، الأنف ليس طبيعياً بل هو مائل فيريد أن يعدله، كذلك رجل أحول، الحول عيب بلا شك، لو أراد الإنسان أن يعمل عملية لتعديل العيب، فيجوز، ولا مانع، لأن هذا إزالة عيب. لو قطع أنف الإنسان لحادث هل يجوز أن يركب أنفاً بدله؟ يجوز، لأن هذا إزالة عيب، وقد وقعت هذه الحادثة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، قطع أنف أحد الصحابة في حرب من الحروب، فالرجل جعل عليه أنفاً من فضة، ركبه على الأنف، فأنتنت الفضة، الفضة تنتن، صار لها رائحة كريهة، فأذن له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب فاتخذ أنفاً من ذهب، إذاً هذا نقول: تجميل أو إزالة عيب؟ إزالة عيب، هذا جائز. كذلك لو أن الشفة انشرمت، فيجوز أن نصل بعضها ببعض لأن هذا إزالة عيب.

أما النوع الثاني: فهو زيادة تحسين، هذا هو الذي لا يجوز، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتفلجات للحسن، بمعنى: أن تبرد أسنانها حتى تتفلج وتتوسع للحسن، لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك، ولعن الواصلة التي تصل شعرها القصير بشعر وما أشبه ذلك. انتهى.

وبه يتبين لك حكم أخذ هذه الإبر لتصغير الأنف، وأنه إن كان لإزالة عيب خلقي فيها وعلاج تشوه مثلا فلا بأس بأخذها، وأما إن كانت لمجرد التجميل والتحسين فهي ممنوعة لما مر، ولا أثر لكون مدتها تنتهي بعد سنة في تغيير هذا الحكم فإن النمص محرم مع أن أثره غير دائم، وراجعي للفائدة الفتوى رقم 101267، ورقم: 54668.

ونحن ننصحك بأن ترضي بما آتاك الله تعالى، ولا ينبغي لك أن تتدهور نفسيتك على حد قولك للسبب المذكور، فإن قيمة الإنسان الحقيقية إنما هي بتقواه وطاعته لربه تبارك وتعالى، ثم إن كل خلق الله تعالى حسن، فهوني عليك ولا تعيري هذا الأمر كبير اهتمام، فإن الأمر أيسر بكثير من أن يسبب لك هذا الضيق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني