الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال الاقتباس من القرآن وأحكامه

السؤال

نحن صفحة تونسية على الفايس بوك وبمناسبة هروب جلادنا رئيس الجمهورية طرحنا العديد من المواضيع من بينها هذا الكلام: إني لأجد ريح بن علي لولا أن تفندون ـ والمقصود منه ليس قرآنا ولم نضعه بين معقفين ولا تم شكله ولا شيء، بل فقط اقتباس من القرآن إشارة إلى أننا نشتم رائحة سياسة بن علي من بعيد، هذا الكلام صار موضوع جدال بين الصفحة والأعضاء الذين رأوا فيه تحريفا للقرآن وتهكما واستهزاء واختلفت الآراء بين مؤيد ورافض، فالرجاء منكم لو تفضلتم تبيان مدى خطإ الصفحة، أو أن ما كتبناه لا حرج فيه ولا إساءة فيه للقرآن الكريم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن إدخال آية من القرآن، أو جزء منها في كلام المتكلم دون عزو لها هو ما يسمى: بالاقتباس ـ وهو جائز إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد الشرعية، من الاتعاظ والتدبر، ويكون على وجه التعظيم، أو تحسينا للكلام وأما الاقتباس في مجال الغزل والهزل والأساليب المخالفة للعقيدة فهو محرم، فقد قال السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن: سئل عنه الشيخ عز الدين بن عبد السلام فأجازه، واستدل له بما ورد عنه من قوله في الصلاة وغيرها: وجهت وجهي، إلى آخره، وقوله: اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر، وفي سياق كلام لأبي بكر: وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وفي آخر حديث لابن عمر: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. انتهى.

وقال السفاريني في شرح منظومة الآداب: لا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام، قال في الإقناع وغيره: لا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام مثل أن يرى رجلا جاء في وقته فيقول: ثم جئت على قدر يا موسى ـ قال في المغني والشرح الكبير: لأنه استعمال له في غير ما هو له, أشبه استعمال المصحف في التوسد في الرعاية في الاعتكاف أن ذلك مكروه, وهو الذي ذكره في التلخيص.

وفي الآداب الكبرى سئل ابن عقيل ـ رحمه الله تعالى ـ عن وضع كلمات وآيات من القرآن في أواخر فصول خطبة وعظية، فقال تضمين القرآن لمقاصد تضاهي مقصود القرآن لا بأس به تحسينا للكلام كما يضمن في الرسائل إلى المشركين آيات مقتضية الدعاية للإسلام فأما تضمين كلام فاسد فلا, ككتب المبتدعة، وقد أنشدوا في الشعر: ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنينا ـ ولم ينكر على الشاعر ذلك لما قصد مدحة الشرع وتعظيم شأن أهله, كما أن تضمين القرآن في الشرع شائع لصحة القصد وسلامة الوضع. والله أعلم.

ولهذا نرى البعد عن مثل هذا التعبير فهو أشبه بما ذكر السفاريني من منع: جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى {طـه:40}.

إضافة إلى التباين بين يوسف الذي هو مظهر الطهارة والعفة وبين المعاصرين المتهمين بفساد الاعتقاد والأعمال والأخلاق فيخشى أن يكون في هذا من التهكم ما يتعين أن ينزه عنه القرآن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني