الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة في تصرفات الزوجين يجنبهما الكثير من المشاكل

السؤال

الرجاء الإفادة في أمر زوجين حدثت بينهما مشاجرة، حيث إن الزوجة ـ بعلم زوجها وليس من باب التجسس ـ كانت تطلع على هاتفه الجوال الجديد، وهو بجانبها وبإذنه، فوجدته يحتفظ برسائل خارجة وخادشة للحياء في ملف خاص، مرسلة له من أصدقائه، وطلب منها عدم فتحها وفعلا لم تفتحها، ولكن ثارت ثائرتها، حيث إنها تفقد السيطرة على أعصابها بسهولة، وبالذات خلال فترة حملها الحالية، والسبب في ثورتها أنها رأت أنهما ليسا بحاجة للمزيد من الذنوب بنشر مثل تلك النكات خاصة، وأنهما ـ ولله الحمد ـ لا ينقصهما من نعم الله شيء، وينعمان بعيشة سعيدة أغلب الوقت، وليست تلك هي الطريقة التي يحمد بها الله، وتوقعت أن يكون الحمل فرصة للتغيير للأفضل في حياتهما، تأهيلا لأن يصبحا قدوة صالحة، فانفعل الزوج كرد فعل تلقائي، وظلا على خلاف لمدة يومين، وفي الثالث رأى الزوج من زوجته لينا واستعدادا للتواصل فسألته عن الرسائل بهدوء، فرفض الإجابة، فأمسكت تليفونه كنوع من الاستفزاز المرح بينهما، ولكنها وجدته قد نشط رقما سريا على هاتفه، فطلبت منه فقط أن يريها الملف هل مازال موجودا أم لا؟ فرفض، وللأسف اعتبرت هذا نوعا من التفضيل لرغباته، ولما يثير الخلافات بينهما عليها، وطلبت الذهاب لبيت أهلها فأوصلها بنفسه، ولكنه لم يترك لها مالا، ولم يتصل لمدة أسبوع ليطمئن عليها وعلى حملها، مع العلم أنه قال لوالدتها في ذلك اليوم أنه سيكلم الأم ليطمئن على زوجته، ولكنه لم يفعل مما أثار حفيظة أمها، وراسلته الزوجة بعد فترة تطلب منه أن يطمئنها على حاله ولكنه أيضا تجاهل الرد، والزوجة تعلم أنها أخطأت حين انفعلت وضخمت سبب الخلاف ولم تتبع سبيل النصح اللين، ولا يوجد عندها مانع للاعتذار طالما أخطأت، ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع الرجوع للبيت، وهي تشعر أن زوجها تعمد تصعيد الخلاف بتفعيل رقم سري يزيد من حنقها أكثر، كما أهمل مشاعرها ولم يحتوها، وجعل رضاها آخر أولوياته، وهو ما يبدر منه عادة في أي خلاف، إلى جانب أنه لم يسأل عنها حتى من أجل الاطمئنان على ما في رحمها، وليست هذه المرة الأولى، وأيضا تجاهل الرد عليها، علما بأن الزوج غاية في الهدوء، وعلى خلق وبيته لا ينقصه أي من احتياجاته، والزوجة فعلا تحبه جدا، وتحب بيتها جدا، ولا ترى هدفا في حياتها الآن سوى العيش من أجل تربية طفلها تربية صالحة في كنف والده على طاعة الله، وتعترف بعيوبها الجمة، وأولها رد فعلها الغاضب دائما، أرجو نصيحة شافية تكون ـ بإذن الله ـ سببا في حل الأزمة نظرا لأنني وسيط خير، ولكنني لا أعلم من عليه البدء بالتواصل، كما أطمع في إمدادنا بأدعية للتحصين من الحسد والعين ووساوس الشياطين ومن شر النفس؛ نظرا لأن هناك أطرافا كانت تريد عرقلة الزواج وإفساده قبل أن يتم. والشكر الجزيل لسعة صدركم ومساعدتكم الغالية، وعذرا للإطالة تحريا لدقة التفاصيل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فقد فتحت هذه المرأة بابا للشيطان بينها وبين زوجها ليفسد من خلاله حياتهما الزوجية، والتفريق بين الأحبة من أكثر ما يحرص عليه الشيطان، ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت.

قال الأعمش أراه: قال: فيلتزمه.

لقد كانت هذه الزوجة في غنى عن هذا كله إن سلكت سبيل الحكمة، فنصحت زوجها برفق ولين في الأوقات المناسبة ليقوم بإزالة هذه الصور، وأن لا تشدد معه في أمر وضعه رقما سريا على هذه الملفات.

أما وقد حصل ما حصل، فلتستعن بالله تعالى، وتسأله التوفيق والسداد إلى حل هذا الخلاف، وإذا أمرها زوجها بالرجوع إلى بيت الزوجية وجب عليها طاعته، فإن طاعة الزوجة زوجها في المعروف واجبة، كما بينا بالفتوى رقم: 1780.

وإذا لم ترجع إلى بيتها كانت ناشزا فتأثم بذلك، ولكن لاتسقط نفقتها بسبب الحمل فيجب على زوجها الإنفاق عليها، وانظر الفتوى رقم: 7455

وقد كان ينبغي على الزوج أن يتفقد حال زوجته وهي في بيت أهلها، فذلك من حسن العشرة ومما تستجلب به المودة، ولكن ليس من حق الزوجة رفض الرجوع إلى بيتها لكون زوجها لم يفعل ذلك، فهذا نفث من الشيطان فلتستعذ بالله تعالى من شره.

وكيد الكائدين، أو حسد الحاسدين مقدور عليه، إذ من الممكن التحصن منه قبل وقوعه، والعلاج منه بعد وقوعه، وذلك بالاعتصام بالله والتزام ذكره وشكره وحسن عبادته. ولمزيد الفائدة يمكن مطالعة الفتوى رقم: 5252.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني