الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرط على امرأته قبل العقد أن تسكن في بيت أهله ثم طالبته بسكن

السؤال

تزوجت قبل حوالي سنة، و كان شرطي قبل الزواج أن تسكن الزوجة معي في بيت أهلي, تم كل شيء في أحسن الظروف إلى أن رزقت بمولود قبل حوالي أربعة أشهر، مباشرة تغيرت تصرفات الزوجة وطالبتني بأن أوفر لها سكنا مستقلا خاصا بها، مع العلم أنها تعلم بعدم مقدرتي على ذلك وأن هذا كان شرطي قبل زواجي بها، لكنها اختلقت بعض المشاكل المكذوبة وتشتكيني لأهلها وتشوه صورتي أمامهم حتى أصبح والداها يهاجماني بأمور غير صحيحة كما لو أنني أسيء معاملتها وهذا غير صحيح، حتى يضغطوا علي لأوفر لها ما ترغب فيه. في بداية الأمر شككت في نفسي لم أفهم الموضوع وحسبت أنني حقا لا أجيد التعامل معها وكان ذلك بعد ولادة الابن مباشرة، لأنني جعلتها تلد في بيت أهلها حتى تجد المقابلة و كانت تود الامتناع عن الحضور معي بعد الولادة، لكنني لم أفهم آنذاك لماذا تخطط هي و أهلها، كنت اعتذرت إن بدا مني شيء، لكن عندما حضرت معي بدأت أجد تغيرا في تصرفاتها استعلاء و تكبرا و عنادا بعد أسابيع قليلة أخدتها مرة أخرى لبيت أهلها حتى تزورهم ليومين و ترجع، عند ما وددت إحضارها امتنعت و منعها أهلها و قالوا لي لن تحضر حتى توفر لها سكنا، مع العلم أنها لم تخبرني بالأمر قبل أن أذهب بها عند أهلها, و جاءوا و أخدوا كل حاجياتها من عندي.
ناقشتها مرارا و تكرارا لكنها مصرة ظنا منها أنها ستضغط علي مرة أخرى بسبب المولود.
حاولت معها جاهدا لكنها عنيدة, آخر مرة ناقشتها وصلت معها كآخر حل إلى الطلاق، هي صرحت أنها لا ترغب بالاستمرار معي بحكم أنها تحسب أنني لن أستطيع، تحسب أنني متعلق بها و بالطفل و لن أستطيع ذلك، و أنها إن طلبت مني الفراق سأتخوف من ذلك و ربما أحقق لها ما ترغب فيه, فوافقتها و قلت لها أنا أيضا لا أحب أن أستمر معك. و انتهينا على ذلك, كأننا اتفقنا ضمنيا على الطلاق.
- ماذا علي تجاه كل ذلك؟
-هي الآن في بيت أهلها منذ حوالي شهرين وأكثر و لم أرسل لها أي قدر من المال حتى مصاريف الابن لم أرسلها لها لأنها جالسة أصلا في بيت أهلها بغير إذني و أنا لم اطلقها بعد، قلت في نفسي تتحمل مسؤوليتها و مصاريفها لأنني لم آمرها بالجلوس عند أهلها.
-و هل أكون سباقا للطلاق أم أتركها حتى تطلبه؟
إن تم الطلاق هل لي أن آخد منها الطفل بعد إنهاء الرضاع؟
هي الآن تحرمني من ابني الذي لم أفرح بعد بولادته، عندي رغبة قوية في أن آخذه منها. فهل لي ذلك؟
خلاصة القول كل ما يبدو لكم فيه فائدة لي بخصوص هذا الموضوع رجاء لا تبخلوا علينا بعلمكم و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت من اشتراطك على زوجتك السكن في بيت أهلك وعدم قدرتك على توفير مسكن مستقل لها، فلا حق لها في مطالبتك بمسكن مستقل ما لم يقع عليها ضرر حقيقي بمساكنة أهلك.

قال ابن تيمية: ومَنْ شرط لها أن يسكنها منزل أبيه فسكنت ثم طلبت سكنى منفردة وهو عاجز لم يلزمه ما عجز عنه، بل لو كان قادراً فليس لها عند مالك وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد وغيره غير ما شرط لها. الاختيارات الفقهية. وانظر الفتوى رقم : 28860
وعليه؛ فإن ترك زوجتك لبيتك دون إذنك غير جائز وهو نشوز تسقط به نفقتها -ما لم تكن حاملا- أما ولدك الصغير فنفقته واجبة عليك لا يسقطها نشوز زوجتك، وانظر الفتوى رقم: 76246
والذي ننصحك به أن تتفاهم مع زوجتك وتبين لها ما أوجب الله عليها من الحق نحو زوجها، وأن طاعتها لزوجها -في المعروف- مقدمة على طاعة والديها، فإن رجعت لبيتك وعاشرتك بالمعروف؛ وإلا فليتوسط بعض العقلاء من الأقارب أو غيرهم من أهل الدين والمروءة ليصلحوا بينكما، فإن لم يفد ذلك فلك أن تمتنع من طلاقها حتى تسقط لك بعض حقوقها أو جميعها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 8649
مع التنبيه على أن الطلاق ينبغي ألا يصار إليه إلا بعد تعذر جميع وسائل الإصلاح ولا سيما في حال وجود أولاد، وإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق كان ذلك أولى من الفراق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني