الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكذب على الزوجة لا يباح على إطلاقه

السؤال

أنا فتاة عمري 24 سنة متزوجة منذ 4 سنوات، ومشكلتي أنني الزوجة الثانية وزوجي لا يريد إخبار الزوجة الأولى ولا أهله بزواجنا بحجة أنه ستصير مشاكل هو في غنى عنها، فيغيب عن البيت كثيرا وإذا كان عند الأولى ودخل البيت لا يرد على التليفون يعني أن أي مشكلة أو أي ظرف طارئ لا بد أن أتصرف أنا معه حتى إضافتي، فخلاصة القيد أو دفتر العائلة يؤجلها، لئلا تعرف الزوجة أن له زوجة ثانية ولما أطلب منه إخبارهم يقول لي إن أهله حتى لوعرفوني فلن يتقبلوني ولن يحبوني، فسألته إذا رزقنا الله بأولاد ألا تخبرهم؟ فقال لي لا، بالإضافة إلى أنني لا أثق فيه أبدا وأشك فيه، فدائما يقول لي شيئا ويحلف بالله على صدقه وآخر شيء أكتشف أنه يكذب، تأخرت في الإنجاب والمانع منه هو وعملنا عملية إخصاب فلم تنجح، وسبحان الله رزقه الله من زوجته الأولى بطفل فسألته هل الحمل جاء عن طريق عملية؟ فقال لي لا، طبيعي وزوجتي سليمة، والله أعطانا، وحلف بالله فصدقته وقلت الله قادر على كل شيء سبحانه، وعن طريق الصدفة اكتشفت أنه عمل عملية وأن الحمل غير طبيعي ـ مثل ما قال ـ أنا لا أنكر أنه يحسن معاملتي ويوفر السكن والمصروف، ولكنني أحس بالظلم وعدم العدل بيني وبين زوجته بالإضافة إلى أنني فقدت الثقة به تماما وحين يحلف بالله لا أصدق كلامه وأشك في كل خطواته ولا أشعر بالأمان معه، فهل يحق لي طلب الطلاق؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا أنه لا يجب على الزوج أن يُعلم زوجته بزواجه من أخرى، كما في الفتوى رقم: 22749.

ولكن يجب عليه إذا تزوج أن يعدل بين زوجاته في المبيت، فيقيم مع كل منهن قدر ما يقيم مع الأخرى؛ إلا أن تسقط إحداهن حقها أو بعضه.

أما بخصوص كذب الزوج: فلا شكّ أنّ الكذب خلق ذميم وسلوك مشين، وهو محرم إلا فيما رخص الشرع فيه، فعن أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرَخِّصُ فِي شَيءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ أَعُدُّهُ كَاذِبًا الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ الْقَوْلَ وَلاَ يُرِيدُ بِهِ إِلاَّ الإِصْلاَحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ فِي الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا. رواه أبو داود.

قال النووي: وأما كذبه لزوجته وكذبها له: فالمراد به في إظهار الود والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك، فأما المخادعة في منع ما عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام بإجماع المسلمين.

وانظري الفتوى رقم: 34529.

فإذا كان زوجك يكذب عليك فيما أبيح له من إظهار المودة ونحو ذلك فلا حرج عليه، وأما إن كان يكذب في غير ذلك مما يترتب عليه ضياع حق لك، فعليك نصحه في ذلك وبيان خطورة الكذب واطلاعه على كلام أهل العلم في ذلك، فإن تمادى في الكذب وتضررت بذلك، أو كان لا يعدل بينك وبين زوجته الأولى في القسم، فلك طلب الطلاق أو الخلع، وراجعي الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين رقم: 37112، ورقم: 116133.

وكذلك يحق لك طلب الطلاق بسبب عدم الإنجاب، كما بيناه في الفتوى رقم: 106350.

لكن ننبه إلى أن الطلاق ليس بالأمر الهين، فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني