الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء عشرة الزوج وسماحه لأخواته بالتدخل في حياته الزوجية لايسوغ للزوجة الامتناع عنه

السؤال

متزوجة وعندي خمسة أطفال، وفي الآونة الأخيرة حصلت مشاكل بيني وبين زوجي بسبب أخواته ـ سامحهن الله ـ ولم أعد أستطع تحملهن، وعندما أتحدث معهن على الأنترنت بسبب بعد المسافة بين البلدين لا أعرف لماذا ينقلب زوجي ضدي فقد قلن له إنني أتعالى عليهن، ومنذ ذلك الوقت لا أتحدث إليهن إلا في وجود زوجي حتى لا أطيل معهن في الحديث في عدم وجوده ولا أكون قاطعة للرحم وزوجي مازال يعتقد بأني ـ والعياذ بالله ـ أتعالى عليهن فابتدع وسائل الهجوم من أنني أسرق ماله وأنني لست على خلق وأنني مجنونة وأنني أخرج إلى أماكن بدون إذنه وللأسف لم أستطع أن أتحدث إلى والدتي أو أشكو لها لأنه قطع عني الأنترنت بحجة أنه لا يستطيع دفع فواتيرها التي تزداد كل شهر، وكل هذا أحدث عندي نوعا من النفور الوجداني فلم أعد أرغب في معاشرته عندما يطلب ذلك، لا أعرف كيف أقول لك بأنه أهانني آخر مرة اتصل فيها من الخارج وقال إنه فعل ذلك ليتأكد، أنا أخاف أن أطلب منه الطلاق بسبب أطفالنا وأشعر أنه يفعل كل ذلك حتى يرغمني على أن أسافر وأترك أطفالي، خاصة أن إحدى أخواته حاولت طردي من منزلنا هنا بالخارج، والأغرب أنهن بعد كل هذا يردنني أن أسكن معهن حتى أقوم بخدمتهم.
ملحوظة: أنا لا أمتنع عن زوجي لأني أخونه أو لأن شخصا آخر في حياتي، أنا مازلت أحبه ولكني لم أعد أتحمل إهاناته ولا أستطيع أن أتخيل أني أذهب إلى منزل أهله بعد محاولات أخواته السابقة في جعله يضربني، فهل أنا مخطئة في منعي لنفسي من زوجي؟ وهناك شيء آخر: لاحظت أن زوجي لا يريدني أن أعمل شيئا إلا بالرجوع إلى أخواته حتى صوم التطوع أو القضاء أو الذهاب لزيارة معارفنا هنا إلا بعد أن أستأذن من أخواته بالرغم من أن كل واحدة منهن تسكن في دولة غير الدولة التي نسكن فيها نحن وبالرغم من أن أخواته أصغر منه ومني سنا ولا يعشن معنا لا في نفس السكن ولا حتى الدولة، وأخيرا إحدى أخواته تحاول أن تلغي عملي في الدولة التي تسكن بها دون إذني، وزوجي طبعا موافق حتى أتفرغ لرعاية أطفالها لأنها تعمل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جاء الشرع بأمر الزوج بمعاشرة زوجته بالمعروف والوصية بالإحسان إليها، وقد سبق بيان النصوص في ذلك بالفتوى رقم: 20098.

فإن كان زوجك يهينك أو يتهمك بالجنون أو بما أنت منه بريئة كالسرقة ونحوها فهو مسيء بذلك ومخالف لهذا الأدب الشرعي ـ أي المعاشرة بالمعروف ـ والواجب عليه التبين فيما إذا وصلت إليه شكوى في حقك من إحدى أخواته عملا بأدب الإسلام في ذلك وهو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.

ثم إنه لا ينبغي له أن يسمح لأخواته بالتدخل في شئون حياتكما الزوجية، وخاصة إن كان تدخلا يؤدي إلى الإفساد بينكما، ولا يلزمك شرعا استئذان أخواته في أمر صوم التطوع ونحو ذلك، وإنما الإذن في ذلك إلى زوجك، هذا مع العلم بأن هنالك خلافا بين الفقهاء في مسألة استئذان الزوج في قضاء الصوم أو في زيارة الزوجة أهلها، ونرجو مراجعة الفتاوى التالية أرقمها: 29075، 70592، 23166.

وليس من حق أي من أخواته طردك من منزل زوجك، ولا يلزمك السكن مع أي من أقاربه فضلا عن خدمتهم، وراجعي الفتويين رقم: 34802، ورقم: 66237.

ومنعك زوجك من نفسك إن قصدت به أمر المعاشرة فليس من حقك منعه من ذلك إلا لعذر شرعي، وما ذكرت من إهانته لك أو الجانب الوجداني ليس عذرا شرعيا يسوغ لك الرفض، فإذا لم يتق الله فيك فاتقي الله فيه، وراجعي الفتوى رقم: 162211

ويجوز للزوجة طلب الطلاق من زوجها لتضررها البين من بقائها في عصمته، ولا شك أن التريث في ذلك مطلوب فقد لا تكون المصلحة الراجحة في فراق الزوج وخاصة مع وجود الأولاد، وننبه إلى أمرين:

الأول: أن مجرد المصاهرة لا تثبت بها الرحم إن لم توجد علاقة رحم حقيقة، ومع ذلك فعلى الزوجة أن تحرص على صلة أصهارها قدر الإمكان.

الثاني: أن من حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل إن لم تكن قد اشترطت عليه قبل العقد أن تعمل، كما بينا بالفتوى رقم: 23844.

ولكن لا يلزمها رعاية أطفال أخته ولا يجوز له إجبارها على ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني