الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صبر الزوجة على فجور زوجها طلبا لإصلاحه وحفاظا على الأولاد هل يعد ذلا ومهانة

السؤال

عندي مشكلة أعاني منها منذ قرابة السنة، ومنذ ذلك الحين وأنا أفكر في الطلاق وفي نفس الوقت خائفة على أولادي، أنا متزوجة منذ 12 سنة ولدي طفلان وأنا والحمد لله على قدر من الجمال والرشاقة والأناقة وأحاول أن أكون متجددة في حياتي دائما واكتشفت أن زوجي منذ فترة وهو على علاقات ببنات في النت وفي الفاس بوك وأن هذه العلاقات غير بريئة وأنها تشمل الجنس عبر النت، ويحدث هذا بشكل ليلي رغم وجودي في الغرفة الأخرى وعدة مرات طلبت منه أن يرافقني للغرفة فيقول بعد أن أكمل فيلمي، أو لا أشعر بالنوم الآن، وبعد أن واجهته منذ سنة وعدني أن لا يعود لهذا واكتشفت بعدها أنه عاد لنفس العادة في نفس اليوم وهو مستمر على هذا ويحلف لي أنه تاب من هذا الأمر، وقد رأيت في تلفونه دون علمه تواصله معهن، والمشكلة أنني بدأت أشمئز منه رغم أنني قررت أن أتحمل، ولكن يبدو أن هذا فوق طاقتي، ومشاعري تجاهه أصبحت سلبية، فهو مصر على المعصية ويوجد لديه شره غير طبيعي للمعصية رغم كل محاولاتي معه لإرضائه جنسيا، ولكنه يفضل الحرام على الحلال ويفضل الجنس على الشات والاستمناء، أشعر مرات بالغثيان منه وأخاف أن يزداد اشمئزازي منه، فشرعا وعلى افتراض أنني لا أكرهه هل يجوز لي الطلاق؟ هو الآن لا يحتاجني ويشبع رغباته بطريقته وأشعر أنني في حالة ذل ومهانة وأنه يستغلني ماديا حيث يعطيني مبلغا بسيطا شهريا لا يقضي متطلبات المنزل ومدارس الأولاد، واكتشفت أن جزءا من راتبه يبعثه في حوالات لرفيقات الهوى ويحرمني أنا وأولادي من المال ويطلب مني دفع مصاريف البيت والمدارس، والطامة أنني اكتشفت أنه تم رفع راتبه ويخفي الأمر ويجعلني أستمر في العمل رغم علمه أنني لا أريد العمل وأن علي ضغوطا نفسية شديدة وأنني مستمرة في العمل لمساعدته حتى يتحسن وضعه؟ أريد الطلاق، أريد الطلاق ولكن أخاف الله في أولادي، وإذا قررت أن أضغط على نفسي أكثر، فما الفرق بين الصبر والذل في وضعي؟ وكذلك نفسيتي متضررة ولا أنام إلا بمنوم وهذا ينعكس على تعاملي مع أولادي وأصبحت أضربهم، أفتوني في أمري، أشعر أنني عاجزة معه وعاجزة أن أرده إلى الله تعالى وأشعر أنه سلك طريق الإدمان وليس بيدي حيلة.
ملاحظة: أشعر أنني لو أصررت على الطلاق فإنه سينغمس أكثر فأكثر وسيكون لديه العذر للمعصية، فهل يكون علي ذنب في هذه الحالة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك يقيم علاقات محرمة مع النساء وقد نصحته فلم يتب من هذه المحرمات فمن حقك طلب الطلاق فإن فسق الزوج وفجوره من مسوغات طلب الطلاق، كما أن تقصير زوجك في الإنفاق عليك وإنفاق ماله على رفيقاته في الحرام وإلزامه لك بالإنفاق على البيت كل ذلك تعد لحدود الله وظلم يبيح لك طلب الطلاق، وراجعي الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين رقم: 37112، ورقم: 116133.

والذي ننصحك به أن تبذلي جهدك في نصح زوجك برفق وتذكّريه بخطر ما يفعله من المحرمات، وتذكّريه باطلاع الله عليه وهو يفعل تلك المنكرات، وتأخذي بيده إلى طريق التوبة بتشجيعه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين، مع معاشرته بالمعروف والقيام بحقوقه لا سيما فيما يتعلق بأمور الاستمتاع وما يتعلق به من التزين والتجمل بما لا يخالف الشرع، فإن لم يفد ذلك فينبغي أن توازني بين المصالح والمفاسد في الطلاق والبقاء معه، وتختاري ما فيه أخف الضررين، فإن وجدت أن في بقائك معه ضررا وأنك لا تقدرين على القيام بحقه فالطلاق حينئذ أولى، ولا عليك ما يؤول إليه حاله بعد الطلاق، وإن وجدت المصلحة الأكبر في بقائك معه وتنازلك عن بعض حقوقك فذلك أولى ولا يكون من المهانة والذل ما دام صبرك لله واعلمي أنك في كل الأحوال إذا صبرت وحرصت على مرضاة ربك فلن يضيع جهدك، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني