الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة من أفطر في رمضان بغير عذر

السؤال

كنت أفطر بعض أيام رمضان متعمداً سواء بطعام أو بعادة سرية منذ أن كان عمري 23 سنة، وكفارة عشر سنوات منذ أن بلغت معدل 15يوما لكل رمضان بما يغلب على الظن لبراءة الذمة، أعتقد أنه علي 150 يوما كفارة 10 سنوات يا شيخ، مما يعادل 9000 يوم إذا قلت بصوم شهرين متتابعين لكل يوم، وهو ما يعادل 26 سنة لو بدأت الآن، أو إطعام 9000 مسكين إذا قلت بالكفارة المخففة، وعلي ديون أرتب قضاءها بتوفيق الله، ومنذ فترة قرأت قوله صلى الله عليه وسلم: ودين الله أحق أن يقضى، فماذا أفعل؟ وأيهما أختار؟ وإن وافاني الأجل قبل أن أقضي فماذا علي لله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب عليك أولا أن تتوب إلى الله تعالى من تعمد الفطر بالأكل أو الشرب ونحوهما من كل ما يفسد الصوم، لما في ذلك من انتهاك لحرمة شهر رمضان الكريم، والتهاون في صيام رمضان، فإن تعمد الفطر في نهار رمضان من غير عذر يعتبر من كبائر الذنوب عند الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: من أفطر عامدا بغير عذر كان فطره من الكبائر. انتهى.

وبخصوص ما يترتب على الفطر في رمضان فالجواب أنه إذا كان بغير الجماع كالأكل والشرب فلايجب عليه غير القضاء أي قضاء كل يوم أفطرت فيه ولا يجب صيام شهرين متتابعين، بل يجب القضاء حسب الطاقة ولا تجب الكفارة على الراجح عندنا.

أما العادة السرية فهي محرمة في رمضان وفي غيره، وتشتد حرمتها في رمضان وفي نهاره أعظم تحريما, لكن لا يفسد الصوم بها إلا إذا نزل المني, ومن فسد صومه بها لزمه القضاء فقط ولا تلزمه الكفارة، لأن الكفارة تجب بالجماع فقط في قول الجمهور، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 150903.

كما يجب عليه زيادة على القضاء كفارة تأخير القضاء حتى دخل رمضان التالي من غير عذر معتبر شرعا كالمرض، وكفارة التأخير مبينة في الفتوى رقم: 111559.

ولا تتكرر هذه الكفارة في حال تأخر القضاء أكثر من مرة، أي لا تتكرر بتعدد رمضان، فما وجب من الكفارة بسبب تأخير قضاء رمضان الأول حتى جاء التالي لا يضاعف عليه إذا لم يقم بقضائه قبل رمضان الذي يلي ذلك أيضا وهكذا، قال ابن قدامة في المغني: فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانات، أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع القضاء، لأن كثرة التأخير لا يزداد بها الواجب، كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله. انتهى.

وقال النووي: إذا كان عليه قضاء رمضان أو بعضه، فإن كان معذوراً في تأخير القضاء بأن استمر مرضه أو سفره ونحوهما جاز له التأخير ما دام عذره ولو بقي سنين، ولا تلزمه الفدية بهذا التأخير، وإن تكررت رمضانات، وإنما عليه القضاء فقط لأنه يجوز تأخير أداء رمضان بهذا العذر فتأخير القضاء أولى بالجواز. انتهى.

ثم ليعلم أنه لا يطالب بالإطعام ولا يجزئه عن القضاء ما دام يستطيع القضاء، إذ لا يجوز الانتقال إلى الإطعام بدلا عن الصيام إلا في حالة المرض المزمن الذي لا يرجى برؤه عادة، أو حالة الكبر في السن بحيث لا يستطيع الشخص الصيام معه، وفي حال الانتقال إلى التكفير بالإطعام فقد سبق بيان الحالات التي تقدم فيها الكفارة على الدين في الفتوى رقم: 96589. وانظر الفتويين رقم: 169545، ورقم: 13281.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني