الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك في عدد الحصيات بعد الرمي هل يلزم منه شيء

السؤال

أديت فريضة الحج هذا العام، وأنا رجل لي وسواس من أي شيء، المهم عند رميي للجمرات كنت أعرف أنه لابد أن تقع في الحوض، ولكني كنت أرمي من مسافة قريبة وبقوة، وكنت ألاحظ بعضها يسقط في الحوض والبعض الآخر لا أراه من شدة الزحام، إلا أنني يغلب عل ظني أنه وقع لقرب المسافة كما أنني لا أراه يخرج يقينا، وهذا الشك في سقوط الجمرات في الحوض لم يطرأ علي وأنا داخل النسك، وإنما بعد الفراغ منه، كما أنني في اليوم الثاني رميت 6 حصيات لعمتي لأنها كانت موكلتي، وتأكدت أني نسيت رمي حصاة لها؛ أما اليوم الأخير فقد رميت الجمرة الصغرى وشككت بعد رميها أنها لم تسقط وهذا اثناء الرمي فاعدتها مرة أخرى وانصرفت، إلا أنني شككت بعد ما انصرفت هل رميت بسبع أو لا، ولكني أثناء الرمي غلب على ظني أنهم سبعة.
رجاء الإجابة على سؤالي، وبالله عليكم لا تحولوني لإجابات قديمة لأن هذا الموضوع مسبب لي توترا كبيرا جدا. و شكرا لموقعي المفضل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما شكك الذي حصل لك بعد الفراغ من الرمي في المسألتين الأولى والثالثة فلا التفات إليه، فإن الشك بعد الفراغ من العبادة لا يؤثر، وانظر الفتوى رقم: 120064.

وأما مسألتك الثانية فإن كنت تحققت أنك رميت عن عمتك ست حصيات فقط وحصل لك اليقين الجازم بذلك، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة فذهب الجمهور إلى أن هذا الرمي غير معتد به، وذهب الإمام أحمد في رواية إلى أنه لا يضر ترك حصاة أو حصاتين، قالابن قدامة رحمه الله: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي الرَّمْيِ عَنْ سَبْعِ حَصَيَاتٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ. فَإِنْ نَقَصَ حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ، فَلَا بَأْسَ، وَلَا يَنْقُصُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَإِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: إنْ رَمَى بِسِتٍّ نَاسِيًا: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَمَّدَهُ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، تَصَدَّقَ بِشَيْءِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: مَا أُبَالِي رَمَيْت بِسِتٍّ أَوْ سَبْعٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أَدْرِي رَمَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسِتٍّ أَوْ سَبْعٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ عَدَدَ السَّبْعِ شَرْطٌ. وَنَسَبَهُ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى بِسَبْعٍ. وَقَالَ أَبُو حَيَّةَ: لَا بَأْسَ بِمَا رَمَى بِهِ الرَّجُلُ مِنْ الْحَصَى. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: صَدَقَ أَبُو حَيَّةَ. وَكَانَ أَبُو حَيَّةَ بَدْرِيًّا. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: سُئِلَ طَاوُسٌ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ حَصَاةً؟ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ أَوْ لُقْمَةٍ. فَذَكَرْت ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ، فَقَالَ: إنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ سَعْدٍ، قَالَ سَعْدٌ: رَجَعْنَا مِنْ الْحَجَّةِ مَعَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضُنَا يَقُولُ: رَمَيْت بِسِتٍّ وَبَعْضُنَا يَقُولُ: بِسَبْعٍ فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَغَيْرُهُ. انتهى.

ومذهب الجمهور هو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 59684 وعليه فإنه يلزم عمتك دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم لأنها لم تأت بالواجب الذي هو الرمي لا بنفسها ولا بوكيلها، ولها الرجوع عليك بقيمة هذا الدم لأنك أنت المتسبب فيه. وقد نص الفقهاء على أن النائب في الحج يلزمه من الدماء في ماله ما كان بتفريطه، قال في مطالب أولي النهى: (وَمَا لَزِمَ نَائِبًا مِنْ دَمٍ وَغَيْرِهِ) كَفِعْلِ مَحْظُورٍ (ب) سَبَبِ (مُخَالَفَتِهِ، فَمِنْهُ) ، أَيْ: النَّائِبِ، لِأَنَّهُ بِجِنَايَتِهِ (حَتَّى دَمِ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِمَا). انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني