الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بالصبر تتحقق العواقب الحميدة

السؤال

أنا مغربية متزوجة من مصري، وأعيش معه في بلد الإقامة السعودية، وهو متزوج وله أبناء يعيشون في مصر، ونأخد شهرا كل سنة إجازة، لكن في الغالب نقضيها في مصر لأن بيتي هناك، وحتى يتمكن من رؤية أولاده وزوجته، وليس لدي مانع إطلاقا من ذلك، ونقضي إجازة جميلة فكل منا يراعي ربه في إعطاء الحقوق لأصحابها، لكن مشكلتي الكبيرة التي تؤرقني أنني كلما ذكرت السفر لرؤية أهلي يعمل منها مشكلة لا هو يرفض بتاتا ولا هو يوافق بسهولة، والدليل أنني لم أتمكن من رؤية أهلي إلا بعد سبع سنين من الغربة، وبعد مشادة كبيرة يقول إنه لا يستطيع العيش بدوني يوما واحدا، ويخاف علي جدا وهذا طبعه مع أولاده وكل من يحب، مات والدي والحمد لله أن ربي رفق بي ورأيته قبل أن يموت بيومين فقط، وأخاف أن يتجدد الأمر مع والدتي، وكلي رغبة وشوق في الجلوس إليها والبر بها، فهو لا يمنعني بتاتا لكن حسب الظروف وحسب قناعاته وحسب الأولويات، فهل يجوز لي أن أغيب كل هذه المدة عن أهلي، أريد حكم الشرع، وهل يجب أن أتمسك بقوة برأيي في رؤية أهلي، وهل تجب طاعة زوجي حتى إن أخرني عن رؤية أهلي كل هذه السنين؟ وسبب تأخيره هو أن أعمل بيتي الأول، ومرة تعب وكان لابد أن أكون بجانبه مرة أخرى، وابني لابد أن يذهب إلى إخوته حتى يألفوه ويحبوه، ومرة أخرى بسبب الجنسية، فهل هذه الأشياء تقدم على رؤية الأهل والسفر إليهم؟ زوجي عصبي ولا أقدر في لحظة غضبه الكلام، وإن تكلمت وصل الأمر إلى السب والشتم والضرب، وهذا ما لا أقبله، وأخاف أن أطرح موضوع السفر وتكبر المشكلة، وتكون النتيجة شيئا لا تحمد عقباه علي وعليه وعلى ابني، مع العلم أنه يحب أهلي جدا ويحترمهم وليست له حاجة تجعله يمنع أو يؤخر، وعفوا على الإطالة لكن هذا مشكل بالنسبة لي. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أهم ما ينبغي أن تقوم عليه الحياة الزوجية هو التعاون والتفاهم والعمل على ما تكون به الحياة الزوجية مستقرة، فيؤدي كل من الزوجين ما عليه من حقوق للآخر، وعلى الزوجين اعتماد مبدأ الحوار واحترام كل منهما لرأي الآخر بعيدا عن التعنت والعصبية، فبمثل هذا تسعد الأسرة، وراجعي الفتوى رقم: 27662.

ولا شك في أنه ينبغي للزوج أن يكون عونا لزوجته في صلة أهلها وتمكينها من زيارتهم كلما أمكنه ذلك، فبهذا تحسن عشرتها معه ويكسب مودتها، ولعل الله تعالى يفتح له بسبب ذلك من أسباب رزقه ما لا يخطر له على بال، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق 3:2}.

وغيابك عن أهلك هذه المدة لا يلحقك منه إثم، والصلة يمكن أن تتحقق الآن بكثير من الوسائل، خاصة مع تقدم وسائل الاتصال في هذا العصر وإمكانية رؤيتك لأهلك ورؤيتك لهم، فلا يلزم لحصول الصلة السفر للأهل وزيارتهم، ولكن تجب الصلة وتحرم القطيعة، وهي تتحقق بما جرى العرف بكونه صلة، ومنه الاتصال الذي أشرنا إليه، وراجعي الفتوى رقم: 7683.

وقولك: هل هذه الأشياء تقدم على رؤية الأهل والسفر إليهم؟ جوابه أن زيارة الأهل والسفر إليهم لا يلزم كما أسلفنا وخاصة في حق الزوجة التي تعيش مع زوجها بعيدا عن وطنها، وقد يكون في بلد المهجر من العوامل ما يمنع الزوج من تحقيق ما تصبو إليه زوجته فلتتفهم الزوجة ذلك، ومع هذا فكما ذكرنا أولا مهما أمكنه تمكينها من زيارة أهلها فليفعل، ونصيحتنا لك أن تهوني الأمر على نفسك وأن تتفاهمي فيه بالحكمة مع زوجك، وقد ذكرت عنه حبه لك ولأولادك ومحبته لأهلك واحترامه لهم، وهذا أمر طيب، وذكرت ما يغضبه ويثير عصبيته، فاجتنبي ذلك كله وبالصبر تتحقق العواقب الحميدة، وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني