الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب الأحناف والحنابلة في نية قضاء الصوم

السؤال

أولا: شكرا من الأعماق على هذا الموقع المبارك وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
ثانيا: سؤالي: عندما بلغت سن 11 كنت جاهلة بالأحكام وكنت لا أعلم بوجوب قضاء صيام ما فاتني من رمضان أيام الحيض وكنت لا أقضي رغم أنني كنت أصوم ستا من شوال دون نية القضاء، وعلمت بعد ذلك أن النية شرط، فماذا علي الآن وأنا لا أعلم كم عدد الأيام التي لم أقضها وهي كثيرة؟ أريد منك بوركتم الرأي في هذه المسألة على المذهبين الحنبلي والحنفي، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحنابلة والحنفية يشترطون في صيام قضاء رمضان تعيينه بالنية وتبييتها من الليل، والحنفية وإن كانوا لا يشترطون ذلك في صيام رمضان لتعينه فإنهم يشترطونه في القضاء، لعدم تعين الزمن له، قال في البحر الرائق: قَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مُبَيَّتَةٍ ـ أَيْ مَا بَقِيَ مِن الصِّيَامِ، وَهُوَ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَالْحَلْقُ وَالْمُتْعَةُ وَالنَّذْرُ الْمُطْلَقُ لَا يَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، وَلَا بِنِيَّةٍ مُبَايِنَةٍ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَهُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ أَيْضًا مِنْ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ، وَهُوَ الْمُقَارَنَةُ لطلوع الفجر. انتهى.

وأما الحنابلة: فمذهبهم هو وجوب تعيين النية لكل صوم مفروض ووجوب تبييتها من الليل، قال في الروض: ويجب تعيين النية ـ بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو نذر أو كفارة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإنما لكل امرئ ما نوى ـ من الليل، لما روى الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة مرفوعا: من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له ـ وقال: إسناده كلهم ثقات. انتهى.

فإذا علمت هذا، فإن ذمتك لم تبرأ من تلك الأيام، بل هي دين في ذمتك يلزمك قضاؤها على المذهبين كليهما، وعليك عند الحنابلة فدية طعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه إلى ما بعد رمضان التالي، وذهب الشافعية إلى أنه لا تجب الفدية مع الجهل بحرمة تأخير القضاء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 123312.

وإذا لم تعلمي على وجه التحديد ما يلزمك قضاؤه من الأيام فإنك تتحرين فتقضين ما يحصل لك به العلم ببراءة ذمتك، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظري الفتوى رقم: 70806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني