الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قراءة القصص الجنسية بقصد استدعاء خروج المني

السؤال

بداية: أحب أن أشكر لكم جهدكم الذي تقومون به, وعنايتكم بإخوانكم المسلمين - وفقكم الله, وسدد خطاكم - ولدي مشكلة واستفسار, فأنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة, كنت أمارس العادة السرية منذ أن بلغت العاشرة إلى أن توقفت عنها, وتبت إلى الله قبل رمضان - شهر سبعة سنة 2012 - وقد أكملت سبعة شهور إلى الآن منذ توبتي, وكان سبب توبتي موت جدي الذي هزني جدًّا, فتخيلت لو مت على تلك المعصية؛ لذلك تركتها, ومنذ دخول شهر يناير حتى شهر فبراير وأنا أشعر برغبة شديدة في الرجوع للعادة, ولكني كنت أقول في نفسي: لقد تبت إلى الله ووعدت ربي, ولا ينفع الرجوع في التوبة, فأنا – واللهِ - أهون عليّ أن أستمر في المعصية من أن أتوب ثم أعود في توبتي؛ لأن مسألة التوبة بالنسبة لي شيء عظيم, وأمر شاق.
والمشكلة الآن أنني في هذين الشهرين - شهر يناير وشهر فبراير - جاءتني شهوة عظيمة, صعب عليّ أن أكتمها؛ فاحتججت أني لو قرأت بعض القصص الجنسية فسأفرغ النار التي في صدري - مع أني تبت إلى الله أيضًا من قراءة هذه القصص؛ فهي سبب ثانٍ في إشعال شهوتي - وكنت في قرارة نفسي أعرف أنها ستزيدني شهوة, ولكني قلت: أفضِّل أن أقرأ على أن أفعل, وفعلًا قرأت تلك القصص - مع أني تبت إلى الله منها - ولكني لم أنكح يدي, أو أضع أي شيء في فرجي حتى أستثار كالعادة, والذي حدث هو أن قلبي أصبح يدق بسرعة, وشعرت بسائل يتدفق مني, فهل بعملي هذا أعد ناكثة بتوبتي؟ مع أني لم أنكح يدي كالعادة, وواللهِ إني من شدة الشهوة أحيانًا أقول في نفسي: يا ليتني لم أتب - أستغفر الله العظيم - لأني أخاف أن يأتي يوم أعود فيه لممارسة العادة - وأنا - كما أخبرتكم سابقًا - أهون عليّ أن أستمر في المعصية من أن أتوب وأعود فأذنب؛ فهذا بالنسبة لي شيء عظيم – وأعلم أن من شروط التوبة الندم على الذنب كل ما تذكره الشخص, وأنا في المرة الأولى كنت نادمة فعلًا, ولكني عندما اشتدت بي الشهوة في آخر شهرين قلت في نفسي كلامًا - يا ليتني لم أتب من العادة - بسبب شدة شهوتي آنذاك, فهل أعد بذلك ناكثة بتوبتي؟ فأنا أشعر أحيانًا بالذنب عندما أتذكر ممارستي للعادة السرية, ومرات من شدة الشهوة لا أشعر بالذنب كل ما تذكرت أيام العادة.
أشعر بضيق شديد, وأعلم أن العادة لا يأتي من ورائها إلا كل شر, وأنا منذ أن تركتها - والحمد لله – وفقني الله في أشياء كثيرة, ومشكلتي في هذين الشهرين الأخيرين أني أصبحت أدخل على مواقع القصص الجنسية؛ لعدم قدرتي على التحمل, ولكني لم أكن أمارس العادة فعليًا, فأنا لا أضع يدي أو أي شيء في فرجي كالسابق, ولكن نفسي تقول لي مرات: ما الفرق؟ فأنا في الحالتين أنزل سائلًا, وهذا سائل العادة, وكله ذنب, فهل يجب عليّ أن أجدد توبتي؟ وهل سيقبلها الله؟ وهل قراءة القصص الجنسية حرام - وهي تحتوي ألفاظا فاحشة أيضًا -؟ وأشعر بيأس شديد, وأشعر أني حقيرة جدًّا, وأحس دائمًا أن ربي يكرهني, وأن نهايتي جهنم؛ لذلك لا أفكر بفكرة التوبة مرة أخرى, فالنتيجة واحدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أولًا - أيتها الأخت الكريمة - أن باب التوبة مفتوح, لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، وأنه مهما كان ذنب العبد عظيمًا فإن عفو الله تعالى أعظم, ورحمته سبحانه أوسع، فإياك إياك أن تسيئي الظن بربك, أو أن تيأسي من رحمته, أو تقنطي من روحه, فإن ذلك خطر عظيم، بل أحسني ظنك بربك سبحانه, فإنه عند ظن العبد به، وإذا صدقت في التوبة, فإنه سيوفقك ويقبل توبتك، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}, وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 184051، 177463، 191079، 152011.

وعليك أن تجتهدي في الدعاء فإنه من أنفع الأمور في صلاح القلب، وعليك بصحبة الأخيار وأهل الدين والصلاح فإن صحبتهم من أعون الأشياء على الاستقامة، وإذا حصل ووقعت في ذنب قد تبت منه فليست هذه نهاية الدنيا، بل توبي مرة أخرى، ومهما تكرر الذنب فتوبي, فلا يزال الله يتوب على العبد ما دام العبد يتوب إليه، ولا شك في أن التوبة خير من عدمها، ولو قدر أن العبد رجع للذنب الذي تاب منه فإن توبته السابقة قد نفعته في محو ما كان قبلها من الذنوب.

ولا شك في أن قراءتك القصص المذكورة أمر محرم، وانظري الفتوى رقم: 65691.

وفعل هذا بقصد استدعاء خروج المني يخشى أن يكون في معنى الاستمناء المحظور، وقد منع بعض أهل العلم من استدعاء الفكرة بقصد إنزال المني, ورأوه في معنى الاستمناء المحرم, كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 145589.

فالواجب عليك المبادرة بترك قراءة أمثال هذه القصص, فإنها لا تزيد نار الشهوة إلا اشتعالًا، وإنما تطفأ نارها بالدعاء وذكر الله, والاجتهاد في الصوم ريثما يرزقك الله زوجًا صالحًا، ومتى تيسر لك الزواج فعجلي به, فإنه أعظم ما تطفأ به نار الشهوة، وحتى يتيسر ذلك فأكثري من الصوم, والدعاء, واللجأ إلى الله سبحانه، وبادري فورًا بالتوبة النصوح, وأقبلي على ربك طامعة في فضله وسعة رحمته, محسنة ظنك به سبحانه.

ومهما وقع منك من ذنب فارجعي إلى ربك من قريب, وبادري بالتوبة له سبحانه, فإنه هو الغفور الرحيم - نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحًا -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني