الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الرجل تجاه أمه وزوجته، ووسائل التوفيق بينهما

السؤال

أم زوجي بلغت من العمر 58 عاما، ‏بصحة جيدة، تعمل، ولديها ابنة ‏متزوجة، وتسكن بنفس العمارة، وابن ‏واحد هو زوجي.‏
منذ أول زواجي وأنا أتعامل معها ‏بشكل- يعلم الله- أفضل حتى من ‏معاملتي لأمي. أتودد إليها، وأفضلها ‏دائما عن نفسي، وأترك لها كل الحق ‏في التقرب من زوجي في الخروج، ‏وبيتي، ولكنها كثيرة التدخل في ‏حياتي، وعلاقتي حتى بابني، وكثير ‏من المواقف التي لم أعد أتحملها. ‏المهم أن الحياة سويا لمدة أيام ‏أصبحت بالنسبة لي شبه مستحيلة. ‏
قدر الله لزوجي سفرا إلى السعودية، ‏واستأذنها وقد وافقت، وأخبرها أنها ‏ستقيم معنا هناك، وبعد حدوث كثير ‏من المواقف منها معيب لفعل أصبح ‏هذا الأمر مستحيلا بالنسبة لي. الله ‏يهديها ويهديني.‏
هي تريد ابنها بجوارها ليل نهار، ولا ‏يشاركها أحد فيه. وهذا ما يأتي ‏بالمشاكل. ويعلم الله أني لا أتجنى ‏عليها، فهذه آراء كل من حولي، ويعلم ‏تصرفاتها، مع العلم أنها بصحة جيدة، ‏ولديها عملها.‏
السؤال الآن: ما هو واجب ابنها تجاهها؟ ‏وما واجب ابنها تجاهي كزوجة، ‏فيعلم الله كم توجه لي ظلما كثيرا قولا ‏وفعلا؟
وهل واجب عليه فعلا أن يأخذها ‏لتقيم معنا في الغربة أم زيارة سنوية ‏لمدة شهر أو اثنين؟
وإذا قدر الله لنا عودة من الغربة. فما ‏هي حقوقها اليومية والأسبوعية "أي ‏في إجازته الأسبوعية أقصد" عليه؟ ‏وهل لو له إجازة يومين من حقي أن ‏أطلب منه يوما لي ولأولادي فقط أم ‏كله لأمه؟
وهل في السفر للتمتع، لي الحق أن ‏أطلب منه أن نسافر وحدنا للتمتع بعد ‏أن نصطحبها قبل ذلك، أم واجب لها ‏عليه أن يصطحبها أينما ووقتما تحب ‏معنا حتى لو ذلك سيكون فيه من ‏الأذى ما فيه لي؟
ما هي حدود طلباتها له بشكل لا ‏يظلمني، ولا يرضي الله في.‏
جزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأول ما نوصيك به هو الصبر على أم زوجك، فعاقبة الصبر حميدة؛ ولما في ذلك من الإحسان لزوجك.
ويجب على الزوج أن يعدل بين أمه، وبين زوجته، ويمنع كلا منهما أن تظلم الأخرى حسب استطاعته.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ {النساء:135}.

أما واجب الزوج تجاه أمه، فهو طاعتها فيما فيه منفعة لها، ولا ضرر عليه في ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره، وجب، وإلا فلا. انتهى.
وأما واجب الزوج تجاه زوجته، فمعاشرتها بالمعروف المأمور به في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.

كما أنه يجب عليه لزوجته: المهر، والنفقة، والسكنى، وعدم الإضرار بها. وانظري تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 3698 ، والفتوى رقم: 120825.
وعليه، فما ذكرته من أخذ زوجك أمه للسفر معكما، فإن كان ذلك يسعد أمه، فيستحب له اصطحابها؛ فإنه من البر؛ ولا يجب عليه إلا إن كانت أمه ستتضرر بسفره.

قال ابن حزم في "المحلى": وإن كان الأب والأم محتاجين إلى خدمة الابن، أو الابنة، الناكح أو غير الناكح، لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل ولا تضييع الأبوين أصلا. انتهى.
وأما توفير يوم من الأسبوع يخصك به دون أمه، أو السفر بك دون أمه للتمتع، فكل ذلك لا يجب على الزوج فعله.
على أننا نوصيك بالتحدث مع زوجك في هذه الأمور بكل هدوء حتى تتوصلا لحل يرضي الجميع، ويكون فيه بره بوالدته.

ويمكنك التواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا "إسلام ويب" فستجدين عندهم بإذن الله تعالى ما يفيدك وينفعك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني