الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق كتابة بالرسائل الهاتفية

السؤال

زوجتي من النوع العنيد جدا ولا تقبل أي أمر مني، فهي تعصيني في كثير من الأمور ولا تقبل مني إلا ما يوافق هواها وتقول إنها ليست بأمة أو جارية أمضي عليها ما أريد، وترفع صوتها علي كثيرا، وقد تعبت من معاملتها لي على هذا النحو، وقد كنت أبحث في الأنترنت في المواقع الاجتماعية والإسلامية عن حل لمشكلتي هذه، ثم وقع نظري أثناء البحث صدفة على موضوع وهو أن: كتابة الطلاق له حكم الكناية لا يقع بغير نية الطلاق ـ فشدني الموضوع وقلت في نفسي ربما يكون هذا هو الحل لمعضلتي، وذهبت أحصر بحثي فيه وأقرأ حوله كثيرا، وكانت خلاصة ما قرأت ما يلي: إذا كتب الزوج رسالة لزوجته: أنت طالق، سواء كانت بالهاتف المحمول، أو على ورقة، أو بالبريد الإلكتروني، فهذا يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة، فإن كان عازما على الطلاق، وقع الطلاق، وإن كتب ذلك ولم يكن ناوياً للطلاق وإنما أراد إدخال الحزن على زوجته أو غير ذلك من المقاصد لم يقع الطلاق، قال ابن قدامة رحمه الله: ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلاق إلا في موضعين: أحدهما: من لا يقدر على الكلام، كالأخرس إذا طلق بالإشارة، طلقت زوجته، الموضع الثاني: إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته، وبهذا قال الشعبي، والنخعي، والزهري، والحكم، وأبو حنيفة، ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي، وإن كتب بلا نية الطلاق، لم يقع عند الجمهور، لأن الكتابة محتملة، فإنه يقصد بها تجربة القلم، وتجويد الخط، وغم الأهل، من غير نية ـ انتهى من المغني: 7ـ 373.
وقال في مطالب أولي النهى: 5ـ 346ـ فلو قال كاتب الطلاق: لم أرد إلا تجويد خطي، أو لم أرد إلا غم أهلي, قُبل، لأنه أعلم بنيته، وقد نوى محتملا غير الطلاق، وإذا أراد غم أهله بتوهم الطلاق دون حقيقته لا يكون ناويا للطلاق.
وقرأت أيضا فتاوى كثيرة في هذا الباب في موقعكم المبارك، وعلى سبيل المثال لا الحصر الفتوى رقم: 140448، وفي المواقع الأخرى كموقع الإسلام سؤال وجواب في الفتوى رقم: 72291، فقلت في نفسي لو أنني كتبت لزوجتي رسالة بالهاتف المحمول بغير نية الطلاق فربما ترتدع وتنزجر عن عصيانها لي إذا شعرت بتهديد قوي مثل الطلاق، فكتبت لها رسالة وقد استحضرت في داخل قلبي نية التهديد والتخويف وإدخال الهم والحزن والغم على قلبها لعلها تعود عن تمردها وتتوب عن أفعالها، ولم أنو إيقاع الطلاق أبدا، وكان نص الرسالة: أنت طالق، طالق، طالق، وكان قلبي مطمئنا، لعدم وقوعه، لما تقدم، حتى سمعت شخصا يقول: إن الذي عنده علم في مسألة ما فإنه لا يعمل بها لنفسه، حيث إنه يصبح مثل من يفتي نفسه بنفسه، وهذا لا يجوز، فدخل إلى قلبي الشك والوسواس، ولكنه قول غريب يخالف العقل والمنطق ولم تطمأن نفسي لكلامه، فالعالم مثلا بأركان الصلاة لا بد أن يعمل بها لنفسه كي تصح صلاته، ولا ينتظر من يعلمه بأركان الصلاة وهو عالم بها أصلا، ثم يصلي بعد ذلك، ولقد بحثت عن صحة هذا الكلام كثيرا لكنني لم أجد شيئا يثبت صحته، بل إنه قول غريب جدا وليس له وجود، وسؤالي هو: هل وقع على زوجتي الطلاق بتلك الرسالة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق بالكتابة في رسائل الجوال أو نحوها مختلف في حكمه هل هو كالتلفظ به أم هو كناية يقع إذا نواه الزوج؟ وانظر الفتوى رقم: 167795.

وعليه، فما دمت أخذت بقول من يرى الكتابة كناية لا يقع بها الطلاق بغير نية إيقاعه، فلا يقع الطلاق بما كتبته في الرسالة بغرض تخويف زوجتك، وانظر الفتوى رقم: 17519.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني