الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام النظر إلى المردان وتقبيلهم

السؤال

أنا شاب عمري 19 عامًا ملتزم ـ والحمد لله ـ وأعلم أنه يجوز تقبيل الطفل الأمرد على وجه المودة، ويحرم إن كان على وجه الشهوة, وكذلك التسليم عليه والنظر إليه، لكنني عندما آتي لأقبل أحدهم، أو أسلم عليه، أو أنظر إليه يختلط عليّ الأمر، فماذا أفعل؟ وهل من توفيق بين الوجهين؟ وماذا أفعل فيمن تعودت أن أسلم عليه وأقبله من المردان بشهوة قبل علمي بالتحريم، فإنهم يحبونني جدًّا, ولو أعرضت عنهم فسيحزنون؟ ولو كان ابني أمرد، أو أخي، أو ابن أختي... إلخ، فما العمل؟ وهل لي أن أقبله بشهوة مع أمن الفتنة؟ إن الله لا يستحيي من الحق، فكيف سأقبل الطفل الأمرد من دون أن أشتهيه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تقبيل الأمرد يجوز إذا لم يكن حسن الوجه يشتهى، وكان تقبيله لأجل الوداع، أو الشفقة مع أمن الشهوة، جاء في الموسوعة الفقهية: الأَمْرَدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَبِيحَ الْوَجْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّجَالِ فِي جَوَازِ تَقْبِيلِهِ لِلْوَدَاعِ وَالشَّفَقَةِ دُونَ الشَّهْوَةَ، أَمَّا إِذَا كَانَ صَبِيحَ الْوَجْهِ يُشْتَهَى فَيَأْخُذُ حُكْمَ النِّسَاءِ وَإِنِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَتَحْرُمُ مُصَافَحَتُهُ, وَتَقْبِيلُهُ, وَمُعَانَقَتُهُ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. انتهى.

وإذا اختلط عليك الأمر هل هذا النظر أو التقبيل لشهوة أو لا؟ فالراجح عدم جوازه حينئذ، ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: النظر إلى المرد ثلاثة أقسام:

أحدها: ما يقرن به الشهوة، فهو حرام بالاتفاق.

والثاني: ما يجزم أنه لا شهوة معه, كنظر الرجل الورع إلى ابنه الحسن وابنته الحسنة وأمه، فهذا لا يقرن به شهوة إلا أن يكون الرجل من أفجر الناس، ومتى اقترنت به الشهوة حرم.

القسم الثالث من النظر: وهو النظر إليه لغير شهوة، لكن مع خوف ثورانها، فيه وجهان في مذهب أحمد: أصحهما وهو المحكي عن نص الشافعي: أنه لا يجوز، والثاني: يجوز؛ لأن الأصل عدم ثورانها، فلا يحرم بالشك، بل قد يكره، والأول هو الراجح، كما أن الراجح في مذهب الشافعي وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز, وإن كانت الشهوة منتفية، لكن لأنه يخاف ثورانها؛ ولهذا حرمت الخلوة بالأجنبية؛ لأنها مظنة الفتنة، والأصل أن كل ما كان سببًا للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة، ولهذا كان النظر الذي يفضي إلى الفتنة محرمًا إلا إذا كان لمصلحة راجحة مثل نظر الخاطب والطبيب وغيرهما، فإنه يباح النظر للحاجة، لكن مع عدم الشهوة، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة، فلا يجوز. انتهى.

وعلم من كلام شيخ الإسلام أن من كنت تقبلهم بشهوة قبل علمك بالتحريم، أنه لا يجوز لك تقبيلهم؛ لأن في ذلك مظنة ثوران الشهوة، وسبب الفتنة، وكذلك علم من كلامه السابق: ومتى اقترنت به الشهوة حرم ـ أن تقبيل الابن والأخ وغيرهما من الأقارب، أو الأجانب حرام مع وجود الشهوة، وكيف تؤمن الفتنة مع وجودها؟ بل من وجد الشهوة فقد وقع في الفتنة.
وأما محبة الأمرد بدون شهوة: فمتصورة إذا كانت هذه المحبة في الله ولله، وإنما تكون لله إذا سلمت من الشهوة، ولا تكون هذه المحبة إلا لأهل التقوى والمراقبة أصحاب الفطر السليمة، قال بعض التابعين: ما أنا على الشاب التائب من سبع يجلس إليه بأخوف عليه من حدَث جميل يجلس إليه.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 121740، ورقم: 56002.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني