الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تداول النكت والطرائف

السؤال

لدي استفسار يا شيخ: هل يجوز تداول هذه النكتة بين أواسط الشباب بواسطة الرسائل وغيرها، وجزيتم الجنة. دونك نص النكتة:
بنقالي مؤذن مسجد بجدة، دخل واحد مصل وقال له: كم باقي على الإقامة ؟
رد البنقالي: ثلاث شهر وسته يوم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن المؤذن فهم السؤال على وجه غير الوجه الذي أراد السائل، ومجرد حكاية النكتة التي حصلت فعلا في الواقع من دون تنقيص لشخص، ولا لجنس من الناس، لا حرج فيه. وأما ما كان فيه تنقيص للناس، والاستهزاء بهم فلا يجوز، ولاسيما إذا كان الشخص مؤذنا وربما يكون فقيها وحافظا للقرآن، وقد حض الشرع على احترام العلماء وتوقيرهم، فالعلماء ورثة الأنبياء، كما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء. وقد بوب الإمام النووي في رياض الصالحين فقال: باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل، وذكر في هذا الباب قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون (الزمر: 9)، وذكر فيه حديث أبي موسى: أن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني.

هذا وننبه إلى أنه إذا كانت هذه النكتة غير واقعة في الحقيقة، فإنه لا يجوز اختلاقها ولا تداولها.

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: المتحدث بأحاديث مفتعلة ليضحك الناس، أو لغرض آخر، عاص لله ورسوله. وقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الذي يحدث فيكذب ليضحك القوم، ويل له، ويل له، ثم ويل له ـ وقد قال ابن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا يعد أحدكم صبيه شيئا ثم لا ينجزه. وأما إن كان في ذلك ما فيه عدوان على مسلم وضرر في الدين فهو أشد تحريما من ذلك، وبكل حال ففاعل ذلك مستحق للعقوبة الشرعية التي تردعه عن ذلك. اهـ.
وقال الشيخ ابن باز: التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق فلا بأس به، ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا صلى الله عليه وسلم، أما ما كان بالكذب فلا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ثم ويل له ـ أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد. اهـ.
وسأله ـ رحمه الله ـ سائل فقال: في كلام البعض ـ وحين مزاحهم مع الأصدقاء ـ يدخل شيء من الكذب للضحك، فهل هذا محظور على الإسلام؟

فأجاب: نعم، هو محظور في الإسلام؛ لأن الكذب كله محظور ويجب الحذر منه، قال عليه الصلاة والسلام: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ـ وعلى هذا، فيجب الحذر من الكذب كله سواء من أجل أن يضحك به القوم، أو مازحاً أو جادا. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في لقاءات الباب المفتوح: لا يجوز الكذب في الطرائف كما يقولون، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو على الأقل بسند حسن أنه قال: ويل لمن يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ثم ويل له ـ وهذا يدل على أنه لا يجوز، لأن الوعيد بويل من أدلة تحريم العمل. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني