الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يزني بامرأة متزوجة ويشجعها على الطلاق من زوجها

السؤال

أنا رجل في سن الخامسة والثلاثين من عمري، حينما كنت في السنة الأخيرة من الجامعة في عام 2002 حيث كان عمري 22 عاماً، تعرفت على فتاة فلسطينية – أمريكية تعيش في ولاية شيكاغو، وتكبرني في العمر بثلاث سنوات، وذلك من خلال أحد برامج الدردشة الصوتية (Pal talk) وبدأت العلاقة في صورة محادثات صوتية، ونصية عبر هذا البرنامج، تبادلنا وقتها المشاعر، ولكني في الحقيقة كنت أعتبر هذا الأمر نزوة، أو تجربة فقط، ولم أكن أمانع في ذلك حيث أخبرتني أنها فتاة عذراء، تعيش مع أختها، وزوج أختها، وأولاد أختها في منزلهم نظراً لظروف الدراسة.
إلى أن تقابلنا في عام 2003 في أحد الفنادق المصرية، حيث قامت هي بزيارة إلى مصر لمدة أسبوع، وقد حدثت بيننا معاشرة جنسية بالفندق أكثر من مرة، وكان هذا وقتها تحت مسمى الحب، وعادت بعدها إلى أمريكا مرة أخرى، وعدنا إلى استكمال العلاقة عبر برنامج الدردشة مرة أخرى، ولكن تطور الأمر في صورة مكالمات هاتفية وتبادل للصور، حيث أرسلت لي صوراً بالملابس النسائية وهكذا. وأحيانا يصل الأمر إلى ممارسة الجنس عبر الكاميرا.
ثم اكتشفت فجأة أنها متزوجة، ولديها أولاد (4 فتيات حالياً أكبرهن عمرها 16 عاماً) وبررت عدم إخباري بهذا الأمر بأنها لم تكن تريد أن تخسرني، واستمرت العلاقة بيننا، ولكني في هذا الوقت وبعد مرور عامين تقدمت للزواج من إحدى الفتيات المصرية، وبالفعل تزوجنا في عام 2005، بينما كنت ما زلت على علاقة مع تلك الفتاة من خلال برنامج الدردشة ومكالمات، ورسائل الهاتف الجوال.
منذ عام 2003 كانت تلك الفتاة ترسل لي أموالا على الويسترن يونيون من قبيل المساعدة المادية؛ نظراً لأنني ما زلت شابا في مقتبل العمر، وكذلك أرسلت لي هاتفا محمولا، وحينما كانت الزيارة الأولى لها، تحملت الكثير من النفقات.
واستمرت العلاقة مع تلك الفتاة، وأخبرتني أنها غير سعيدة مع زوجها حيث كان يعاملها بقسوة، وكان الزواج من الأساس برغبة العائلة وليس برغبتها الشخصية، وأنها تعيش معه وهما منفصلان في كل شيء، حيث يعيش كل منهما في غرفة مستقلة، ولا يجمعهما سوى سفرة الطعام، واستمرار الحياة من أجل الأولاد، وأخبرتني عدة مرات أنه كان شبه يغتصبها، وأنه مع أنه يشار إليه بالالتزام الديني، ولكن كانت له بعض التصرفات التي لا تليق، مثل مشاهدته للأفلام الجنسية وما أشبه ذلك، وأنه عنيف، وحاد في التعامل مع أولاده.
ثم تقابلنا أكثر من مرة في السنوات التي تلي عام زواجي، وكنا في كل مرة نمارس الجنس سوياً، ولا أخفي عليك سراً أنني اكتشفت أن بداخلي مشاعرا لتلك الفتاة مع كل تلك الظروف التي تمنعنا، ولكني لم أستطع أن أمنع نفسي من الاستمرار في تلك العلاقة، وسنوات بعد سنوات وتستمر العلاقة، ونتقابل كل سنتين في مصر، على وعد بأن نتزوج بمجرد أن تطلب هي الطلاق من زوجها.
ولكنها دائماً ما تخبرني بأن عائلتها وعاداتهم، والمجتمع الذي تحيا فيه، يمنعها من أن تكون مطلقة، خصوصاً وأن هذا سيؤثر بالسلب على صحة والدتها، وحالياً نحن موجودان في نفس الدولة؛ حيث سافرت هي مع زوجها إلى الكويت للعمل والحياة هناك، وبالصدفة ونظراً لظروف عملي فأنا أيضا موجود بالكويت، وتقريباً في نفس المدينة، حيث تقابلنا عدة مرات، ومارسنا جميع أنواع الحب بجميع أشكاله.
إن ضميري يؤلمني، وأعلم أن ذنبي كبير، وهي أيضا تقول إنها تعلم أن الذنب كبير، ولكن لا أعلم ماذا أفعل؟
أحاول كثيراً الابتعاد عنها، ولكني وبعد أيام، أو شهور أعود مرة أخرى إلى تلك العلاقة.
هي الآن تخبرني أنها ستطلب الطلاق، ولكن هذا سيحتاج إلى وقت، وأن علينا أن نصبر حتى ينتهي الأمر. وأنا أساعدها على الطلاق من أجل أن أتزوجها، ولكن لا أعلم هل هذا خطأ؟
ماذا علي أن أفعل؟
إننا نتقابل كثيراً، ونتعامل كالأزواج، وزوجتي المصرية لا تعلم أن علاقتي بتلك الفتاة قائمة، ولكنني أقول لنفسي إنني قادر على الزواج من اثنتين والعدل بينهما، ولكن المشكلة الآن: هل ما أنوي فعله حرام أم حلال؟
هل من حقي أن أساعدها على الطلاق من زوجها وأن أتزوجها؟ هل فعلاً يجب أن أحرم أولادها من أبيهم وأمهم من أجل سعادتي؟ وهل ما بداخلي لها حب؟ وهل يقبل الله هذا؟
والله، والله، والله أعلم أن ذنبي كبير، وضميري يؤلمني، والمعصية التي أفعلها تؤرقني!! لذلك أحتاج إلى رأي الدين في هذا الأمر !! وسألتزم به تماماً مهما كانت العواقب.
أمي وأبي وزوجتي يعلمون أنه كانت لي علاقة بتلك الفتاة في السابق، وأن العلاقة انتهت منذ سنتين أو ثلاثة، ولا تنسى أن لدى ثلاثة أولاد من زوجتي المصرية، ونحن في مصر أسرة هادئة ومتحابة.
ما يشغل تفكيري هو علاقتي بتلك السيدة؟ هل يجب أن أقوم بإصلاح أخطائي وذنوبي معها بحثها على الطلاق، وأن أتزوجها مهما كانت عقبات طلاقها، وما سيعود بالتأثير على أولادها سلباً ؟؟
جزاكم الله خير الجزاء.
وادعوا لي بالعفو والرحمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في أن الزنا من من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله، ولا سيما إذا كان من محصن، أو محصنة؛ فإثمه أشد، وحدّه في الدنيا الرجم حتى الموت كما بيناه في الفتوى رقم: 26237.
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله مما وقعت فيه من الفاحشة، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، مع الستر وعدم المجاهرة بالذنب.
فعليك قطع كل علاقة بتلك المرأة، ولا يجوز لك أن تعدها بالزواج، أو تحرضها على الطلاق من زوجها؛ فإنّ ذلك من التخبيب وهو من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض العلماء إلى عدم صحة زواج المرأة ممن خببها على زوجها، معاقبة له بنقيض قصده؛ وانظر الفتوى رقم: 118100.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني