الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم عدم توقير الكبير؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نجد لأهل العلم كلامًا صريحًا في حكم توقير الكبير، والظاهر أنه يدور بين الوجوب والاستحباب؛ فقد جاء في الحديث الشريف: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. وفي رواية: ويوقر كبيرنا. رواه الترمذي، وأبو داود إلا أنه قال: ويعرف حق كبيرنا. صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته، وصحيح الترغيب والترهيب، والأدب المفرد.

وفي رواية: إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وحسنه الألباني، والأرناؤوط.

ومعنى: ليس منا كما قال ابن علان في دليل الفالحين: أي: من أهل سنتنا، وهدينا، وطريقتنا. اهـ.

وقال ابن مفلح في الفروع: ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ مُقْتَضَى هَذِهِ الصِّيغَةِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِعِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ قَالَ أَوْ فَعَلَ كَذَا» مُقْتَضَاهُ التَّحْرِيمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ كَبِيرَةً. اهـ.

وروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: من السنة أن يوقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد.

وجاء في البيان والتحصيل لابن رشد: قال مالك: سمعت من يقول: من تعظيم الله تعظيم ذي الشيبة المسلم. اهـ.

وجاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي في عددها الثاني عشر تحت عنوان: رعاية الإسلام للمسنين: ويعمل الإسلام على توقير الكبار في السن، واحترامهم، وللكبير حق الكلام قبل الصغير.

وإجلال الشيخ الكبير واجب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. اهـ.

ولأهمية توقير الكبير في الإسلام فقد عده أهل العلم من شعب الإيمان - وإن كان ذلك لا يقتضي الوجوب بعينه - لأنها تجمع الواجب والمستحب.

قال الحافظ في الفتح في سياق عده لهذه الشعب: وَالرَّحْمَةُ، وَالتَّوَاضُعُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ تَوْقِيرُ الْكَبِيرِ... اهـ.

وقال الدهلوي في حجة الله البالغة: السنة الفاشية في الملل جميعها توقير الكبير. اهـ.

وإذا دار حكم توقير الكبير بين الوجوب والاستحباب، كان ذلك مقتضيًا أن عدم توقيره يدور بين التحريم والكراهة، ولا شك أن عدم احترام الكبير يتنافى مع الآداب الشرعية، والأخلاق الإسلامية؛ لذلك فإن على المسلم أن يعطي الكبير حقه من الاحترام والتوقير، والتأدب معه، فهو إذا لم يكن واجبًا شرعًا، فلا أقل من أن يكون سنة متبعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني