الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق للزوج إجبار زوجته على الإقامة مع أولاده من مطلقته، وإلزامها برعايتهم؟

السؤال

هل يحق للزوج شرعًا أن يجبِر زوجته على الإقامة في مسكن واحد مع أولاده من مطلقته، وإلزامها برعايتهم، وهم ما زالوا في سن حضانة الأم؟ علمًا أن الزوجة لم ترفض القيام بهذا الأمر، إلا لأنها تخشى من وقوع ضرر عليها، فللزوج بنت تعاني من نوبات صرعية، ومرضت مؤخرًا؛ نتيجة للخلافات الشديدة بين أبيها وأمها، بمرض "الهيستيريا العصبية" وهو مرض نفسي قد يطول علاجه -كما قرر الأطباء- ومسكن الزوجية في دولة الكويت حيث يعمل الزوج، أي: أن الزوجة ستتحمل المسؤولية وحدها دون مساعدة من أحد، لا من أهل الزوج، ولا من أهل مطلقته، ورغم أن الزوجة تحاول إيجاد حلول وسط ابتغاء مرضاة الزوج إلا أنه يتعنَّت ويهدِّدها إما أن ترضى وتتحمل ما لا تطيق تحمُّله، وإما أن يطلِّقها ويتزوج بأخرى ترضى بهذه الظروف، ويرفض تمامًا أن يتحدث مع أحد من أهلها لإيجاد حلّ، مع العلم أنه عند الخطبة أكّد على أنه لن يأخذ أولاده للإقامة معه إلا بعد بلوغهم سن الحضانة، ولكنه قام بتغيير كلامه كله بعد عامين من الزواج نظرًا لتأخر حمل الزوجة، وفشل محاولة الحقن المجهري، ومع أن الزوج ميسور الحال جدًّا ـ ولله الحمد ـ إلا أنه رفض بعد ذلك حتى السعي في العلاج متعلِّلا أن لديه أولادًا سيأخذهم للإقامة معه، وأنه لن ينفق أمواله في علاج أو عمليات قد تنجح وقد تفشل، وقد رضيت الزوجة أمام تعنُّت الزوج، وتنازلت عن حقها في الأخذ بالأسباب لتنجب، وتركت الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى لترضي الزوج، ولكن ماذا عن طاعته في تحملها لمسؤولية أولاده في ظلّ ظروف ابنته المرضية، والتي كان السبب الأساسي فيها الخلافات بينه وبين أمها؛ نتيجةً لإصراره على أخذ الأولاد منها عَنْوة، في حين أنها ترفض التنازل عن حقها في حضانتهم، والتي ستنتقل لجدتهم في حال زواجها؛ لأنها ترغب في أن يبقى الأولاد معها في بلد واحد، وأن لا تُحرم من رؤيتهم مدة طويلة.
وإذا أصرّ الزوج على موقفه من الزوجة وطلّقها لعدم طاعتها له في هذا الأمر فهل يكون ظالمًا لها؟ علمًا أنه لا يعيب عليها دينًا، ولا خُلُقًا، أفيدوني فأنا في حيرة من أمري -جزاكم الله عني خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا حق للزوج في إلزام زوجته بالسكن مع أولاده من غيرها، أو إلزامها بخدمتهم ورعايتهم، ولا تأثم المرأة بامتناعها من ذلك، قال الكاساني الحنفي ـ رحمه الله ـ: وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا، أو مع أَحْمَائِهَا -كَأُمِّ الزَّوْجِ، وَأُخْتِهِ، وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا، وَأَقَارِبِهِ- فَأَبَتْ ذلك، عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ؛ لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا، ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ، وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ. وانظر الفتوى رقم: 28860.

ولا ينبغي للزوج أن يطلِّق امرأته إذا امتنعت من مساكنة أولاده من غيرها ورعايتهم، لكن إذا كان محتاجًا لذلك، فطلاقها حينئذ غير محرم؛ لأن الطلاق إذا كان لحاجة فهو مباح، وانظري الفتوى رقم: 93203.

وإذا خشيت المرأة أن يطلِّقها زوجها فلا مانع من إسقاط بعض حقوقها عليه حتى لا يطلِّقها، وراجع الفتوى رقم: 162723.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني