الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزوجة تطيع زوجها بالمعروف والزوج يحسن العشرة

السؤال

عندي سؤال، وهو: زوجي دائم التخاصم معي، ودائما يهجرني، وذلك لأسباب لا داعي لها، منها: أنه يقول: لا تطلبي من السائق أي أغراض، اطلبي مني، وأنا أكلمه، وأرسله ليحضرها. وإذا نفذت ما يقول إما أنه يرفض أو يقول: إذا حضرت من الدوام أحضره.
الأمر الثاني: إذا طلبت منه أي شيء يقول: لماذا لم تخبروني قبل ذلك بعدة أيام حتى أستعد. حتى لو كان الأمر يستوجب التعجيل يقول: لا بد من التنظيم في أموركم. ثم بعد ذلك يلغي كل شيء نطلبه منه.
الأمر الثالث: لا يريدني أن أخرج مع أهلي لأي مكان حتى لو كنت عندهم، إلا أن أعطيه خبرا, وإذا أعطيته خبرا رفض خروجي، وغضب مني، وهجرني إذا علم أني خرجت من غير علمه.
الأمر الرابع: لا يريدني أن أذهب مع السائق بمفردي لأقضي مواعيدي أو أشتري ما يلزمني، وإذا طلبت منه أن يقوم هو بالأمر ينفر، ويتذمر، ويغضب، ويتعجل في ذهابي للسوق، ويقيدني بساعة أو ساعتين، علما أني أتسوق لي وللأولاد، وهذا لا يكفي.
دائما لا بد أن تكون أوامره هي المنفذة حتى وإن لم نقتنع بها.
أفيدوني -جزاكم الله خيرا- لأنه الآن هجرني بسبب أني أحضرت عاملة تساعدني في أمور البيت، وهو غير راض بحضورها، وأنا متعبة من الشغل في البيت

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزوج مأمور شرعًا بأن يحسن عشرة زوجته، وأن يسود بينهما الاحترام، والتفاهم, والتعاون على أمور الحياة الزوجية، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال الكاساني في بدائع الصنائع: قيل: هي المعاشرة بالفضل والإحسان قولا وفعلا وخلقا. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. وقيل المعاشرة بالمعروف: هي أن يعاملها بما لو فعل بك مثل ذلك لم تنكره، بل تعرفه، وتقبله، وترضى به... اهـ.

فما ذكرته عن زوجك في التعامل معك - إن صح عنه - يتنافى تمامًا مع حسن العشرة، فمثله ينبغي أن ينصح في ذلك بالحسنى والكلمة الطيبة.

ولا شك في أن الشرع قد جعل للزوج القوامة على زوجته؛ كما في قول الله -عز وجل-: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}، وبناء على هذا؛ يجب على الزوجة أن تطيع زوجها في المعروف، فإذا منعك من الخروج ولو مع أهلك، وجب عليك طاعته، فقد نص الفقهاء على أن طاعته واجبة في هذه الحالة كذلك، وانظري الفتوى رقم: 232021. وكذلك الحال يجب عليك طاعته إن منعك الخروج بمفردك مع السائق، ومثل هذا الخروج ممنوع أصلا ولو لم يمنع منه الزوج، فإنه من الخلوة المحرمة؛ كما أوضحناه في الفتوى رقم: 4091. وعلى الزوجة أن تصبر على ما يكون منه من حمق وعناد، وتدعو له بالخير والصلاح، فإن تحدي المرأة للزوج ربما أدى إلى الشقاق وبالتالي؛ الفراق والطلاق، وربما تضيع الأسرة بسبب ذلك.

وننبه إلى أنه لا ينبغي للزوج أن يستغل ما منحه الله تعالى من القوامة على الزوجة ليتسلط بها عليها، ويوقعها في شيء من الحرج، فإن هذه القوامة قوامة ترتيب وتدبير، لا قوامة قهر وتسلط، كما أسلفنا القول في ذلك في الفتويين: 16032، 18814.
ونؤكد على ما ذكرناه أولا من أهمية التفاهم بين الزوجين، والتشاور في أمور الزوجية، وسلوك ما هو أصلح، فإن هذا مما تقوى به العشرة، وتكتسب به المودة، وتسعد به الأسرة، فينعكس ذلك إيجابا على تربية الأبناء وحسن نشأتهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني