الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الزوجة في غير حال النشوز في ضوء الشرع وحكم إطالة أمده

السؤال

يا شيخي الكريم أنا زوجة عمرى الآن 28 عاما وزوجي يبلغ من العمر 43 الفارق بيننا 14 عاما ـ الحمد لله ـ على درجه عالية من العلم والثقافة وهو كذلك، أعلم أنه يحبني ويريد لي الخير الكثير، فهو كريم اليد ملتزم بدينه وأخلاقه، لكنه وقت الغضب أشعر بأنه إنسان آخر، ما حكم هجر الزوج لزوجته في المضجع وفي الحجرة وفي الطعام وفي الحديث على أتفه الأسباب وأكبرها، وكل مرة لمدة لا تقل عن الشهر، ولكن دائما تزيد مع العلم بأن الزوجة تقوم بكل واجباتها تجاهه وتجاه كل أفراد المنزل بما فيهم والده ووالدته، فهم مقيمون معنا في نفس المنزل أغلب أشهر العام، مع الاعتذار والتأسف والوعد بعد تكرار الخطإ، ولكنه ما يزيده الأمر إلا نفورا، وقد حدث من قبل أن تجاوز الهجر 7 أشهر، ومرة أخرى 4 أشهر، والآن أنا متضررة نفسيا وجسديا، وليس لي أحد هنا حيث أني مغتربة معه، ولدي من الأطفال 3 وهو لا يسمح لأحد بالتدخل؟.
أفيدوني اكرمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على القيام بمصالح زوجك، وخدمة أهله ووالديه، ونسأله أن يديم بينكم المودة ويجنبكم الشيطان ونزغاته، وكيده وشره، إن ربنا على كل شيء قدير.

والشارع الحكيم قد شرع للزوج هجر زوجته حال نشوزها، وهذا الهجر له كيفيته المعينة والتي قد بيناها في الفتويين التالية أرقامهما: 103280 - 62239، والهجر في غير حال النشوز ولأدنى سبب يتنافى مع ما جاء به الشرع، ومحبة الزوج لزوجته يقتضي أن يتغاضى عن الزلات ويعفو عن الهفوات، فالحياة الزوجية السعيدة أكبر من أن تكدر بالوقوف مع الزوجة في كل صغيرة وكبيرة، ومحاسبتها عليها، وكيف يهجر من تقوم بخدمته وخدمة والديه، فإن هذا دليل على كريم خلقها وحسن معشرها؛ لأنها لا يجب عليها شرعا خدمة والديه كما هو مبين في الفتوى رقم 33290.

وللأزواج أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه مع زوجاته، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {الأحزاب:21}، ويمكن الاطلاع على بعض النماذج من حياته في بيته ومع أهله في الفتوى رقم: 27182، فابذلي لزوجك النصح في ضوء ما ذكرنا، وأكثري من الدعاء وتحري الأوقات المناسبة لذلك، فإن الدعاء سلاح المؤمن. قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}،
وننبه إلى أنه لا يجوز للزوج أن يطيل هجر زوجته، ولو كان لنشوزها ، فقد حده بعض أهل العلم عند النشوز بشهر، لا يزيد عليه، وحده آخرون بثلاثة أيام كما في الفتوى رقم: 26794، فإذا كان هذا عند نشوزها فأولى إن كان لغير نشوز، وهنالك خلاف بين الفقهاء فيمن ترك وطء زوجته لأربعة أشهر فأكثر ـ من غير حلف ـ هل يكون موليا أم لا، وسبق بيان أقوال الفقهاء في ذلك في الفتوى رقم: 136171.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني