الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشترط عليه جد زوجته ألا يمنعها من العمل فهل يجب عليه الوفاء به

السؤال

عندما ذهبت لأخطب لم أكن أطلب موظفة البتة، حتى أني رفضت الكثير لكونهن موظفات، أريد مربية أطفال وزوجة وأنثى بالبيت.
المهم: قابلت خطيبتي حاليا، وقلت لها: لا أريدك موظفة. فلم تقبل، وتجادلنا أثناء المقابلة، ولم نتفق على شيء.
تفاجأت عند عقد القران بوضع شرط عدم ممانعتي بالوظيفة لها مستقبلا من قبل جدها، لكني وقعت طبعا، وبصراحة أنا أحبها، والعكس صحيح، فإن عملت فوق رغبتي فسوف يكون تعاملي معها ليس جيدا، أو سأتزوج عليها، وأقسم المنزل نصفين لها ولضرتها، فأنا لا أتحمل ذلك، وتأتيني هواجس بكثير من الأمور، وزواجنا بعد شهرين.
علما أن الوظيفة هي: معلمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الزوجة إذا اشترطت على الزوج - هي أو وليها - أثناء العقد أو قبله شرطًا مما لا يقتضيه العقد ولا ينافيه، وإنما هو أمر خارج عن معنى العقد، كالشروط التي يعود نفعها على الزوجة، مثل: أن تشترط عليه ألا يمنعها من العمل، ونحوه، فهذا لا يؤثر على صحة العقد، ولكن هل يجب على الزوج الوفاء بها؟ اختلف أهل العلم في ذلك؛ جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية حول شرط زوجة على زوجها إكمال دراستها، والعمل، ونحوه، ما يلي:

(...قد يكون الشرط غير مناف لعقد الزواج، كما لا يقتضيه العقد، وإنما يكون بأمر خارج عن معنى العقد، كالشروط التي يعود نفعها إلى الزوجة، مثل: أن تشترط ألا يخرجها من دارها أو بلدها، أو ألا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، فهذا أيضا من باب الشروط الصحيحة، لكن الفقهاء اختلفوا في وجوب الوفاء بها على طائفتين: إحداها: أن هذه الشروط وأمثالها وإن كانت صحيحة في ذاتها لكن لا يجب الوفاء بها، وهو قول الأئمة أبي حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، والليث, والثوري. الطائفة الأخرى: إن الشرط الصحيح الذى فيه نفع وفائدة للزوجة يجب الوفاء به، فإذا لم يف به الزوج، كان للزوجة طلب الطلاق قضاء، روى هذا عن عمر بن الخطاب -رضى الله تعالى عنه-، وسعد بن أبى وقاص، وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز, والأوزاعي, وأحمد بن حنبل...) انتهى.

والقول بلزوم الوفاء بها هو ما نراه راجحا لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}. فأمر تعالى بالوفاء بالعقود، وهي: العهود، وأوجب وأحقّ ما يوفي به الشخص من الشروط التي اشترطها على نفسه هي الشروط في النكاح، فعن أبي مسعود عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" متفق عليه، قال ابن قدامة في المغني مبينا من قال بلزوم الوفاء بنحو ذلك أنه يروى ( ...عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وسعد بن أبي وقاص، ومعاوية، وعمرو بن العاص -رضي الله عنهم- وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، وطاووس، والأوزاعي، وإسحاق)

وبالتالي؛ فإنه يجب عليك أن توفي بهذا الشرط الذي أخذته على نفسك لزوجتك ما لم تتنازل عنه برضاها وفق ما بيناه في الفتويين: 118068، 109348.

ويمكنك السعي في إقناعها بتركه، وأنك ستوفر لها ما تحتاجه، وما يغنيها عن الكسب والسعي في العمل، وينبغي لها حينئذ موافقتك في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني