الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من مرض ولم يصم وأخرج أهله الكفارة عنه قبل موته

السؤال

أبي توفي منذ أقل من شهر، وأختي رأته في نومها مرتين، وهو معوج الرقبة والذراع، فأرجو منكم تفسير هذه الرؤيا.
وعلى حد علمنا أن أبي ليس مدِينًا، إلا أنه لم يصم رمضان السابق بسبب المرض، ولكننا قبل موته أخرجنا كفارة الإطعام عن صيامه، ولا ندري إن كان المرض الذي توفي على إثره هو نفسه الذي عانى منه من قبل، وحال بينه وبين صيام رمضان الماضي أم لا؟ فهل لهذه الرؤيا علاقة بهذا الصيام؟ وهل علينا أن نصوم عنه لقضاء صيامه؛ عوضًا عن إخراج كفارة الإطعام عن الصيام -بارك الله فيكم-؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله الرحمة لوالدكم، وأن يحسن عزاءكم فيه.

وأما الحلم المذكور: فإنا نعتذر عن تفسيره؛ لأنه ليس عندنا مختصون بتفسير الأحلام.

وأما القضاء عنه: فلا يلزمكم؛ فقد اتفق الفقهاء على أن الإنسان إذا أفطر في رمضان لعذر شرعي، وظل ذلك العذر مستمرًّا معه حتى وافته المنية قبل التمكن من القضاء، فإنه لا شيء عليه.

أما إن كان قد أمكنه القضاء ولم يقض حتى مات، فالراجح من أقوال أهل العلم أنه يُطعم عنه، ويُشرع لوليه أن يصوم عنه.

قال النووي في المجموع: ولو كان عليه قضاء شيء من رمضان، فلم يصم حتى مات نظرت؛ فإن أخره لعذر اتصل بالموت لم يجب عليه شيء؛ لأنه فرض لم يتمكن من فعله إلى الموت، فسقط حكمه، كالحج، وإن زال العذر، وتمكن، فلم يصمه حتى مات؛ أطعم عنه لكل مسكين مد من طعام عن كل يوم، ومن أصحابنا من قال فيه قولًا آخر: أنه يصام عنه؛ لما روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. متفق عليه.

وأما عن إخراجكم كفارة الإطعام عنه: فإن المريض الذي تخرج عنه الفدية، هو المريض مرضًا لا يرجى برؤه، وأما المريض الذي يرجى برؤه فالواجب عليه القضاء إذا شفي؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184}.

وقد روى البخاري من حديث عطاء أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقرأ: (وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين). قال ابن عباس: ليست منسوخة، وهي للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينًا.

قال النووي في المجموع: قال الشافعي، والأصحاب: الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم -أي: يلحقه به مشقة شديدة-, والمريض الذي لا يرجى برؤه، لا صوم عليهما بلا خلاف, ونقل ابن المنذر الإجماع فيه, ويلزمهما الفدية أصح القولين. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: والمريض الذي لا يرجى برؤه، يفطر, ويطعم لكل يوم مسكينًا; لأنه في معنى الشيخ. اهـ.

وعلى تقدير أن مريضكم ممن يصح إخراج الفدية عنه؛ فإن كنتم أخرجتموها عنه بغير إذنه، فقد اختُلف في إجزاء ذلك، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 170087، والفتوى رقم: 190577.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني