الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في طلب الزوج لزوجته وهي صائمة

السؤال

علي دين صيام رمضانين، مدته شهر، وبدأت في صومه.
أريد أن أعرف هل عندما أكمل صيامي هذا، وأريد أن أصوم يوما، وأفطر يوما، هل إذا طلبني زوجي في نهار صيام النافلة للجماع، ألبي طلبه أم أرفض؟
وهل يكون نفس الأمر بالنسبة لصيام الدين؟
كما أن علي دين صلاة، ولم أقضها، وأصلي النافلة، وقلت لعل الله يغفر لي صلاة الدين التي لم أقضها.
فهل يجوز ألا أصلي ديني، أم يجب أن أقضيه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فينبغي للمرأة إن كان زوجها شاهدا -أي حاضرا- وبه حاجة إليها، أن لا تصوم النفل إلا إذا أذن لها، وأن لا تعجل بالقضاء إلا إذا أذن لها، ما دام في الوقت متسع.

وإذا صامت بغير إذنه، فإن كان صومها نفلاً، فقد اتفقوا على أن لزوجها الحق في قطع صومها بالجماع خاصة دون الأكل والشرب، وله كذلك أن يقطع صلاتها إذا كانت تطوعاً؛ وذلك لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه.

وإن كان صيامها فرضاً، فإن كان في رمضان، أو غيره من الواجب إذا ضاق وقته، فهذا لا حق للزوج أن يُسْـتَأذن فيه.

قال الحافظ في الفتح: إلا بإذنه: في غير صيام أيام رمضان، وكذا في غيره من الواجب إذا تضيق الوقت. اهـ.
وأما إذا كان صيامها للواجب الموسع، فقد اختلفوا فيه، ولعل الراجح من أقوالهم -إن شاء الله تعالى- ما ذهب إليه المالكية، وهو أنه ليس للزوج أن يفطر زوجته إذا كان صيامها قضاء لرمضان؛ لأن الأحاديث الواردة هي في صوم التطوع، وما أشبهه مما أوجبته المرأة على نفسها كالنذر.

قال الحطاب: عند قول خليل: وليس لامرأة يحتاج لها زوج تطوع بلا إذن. قال: بخلاف قضاء رمضان. اهـ.

أي أنه لا يحتاج إلى إذن من الزوج.
وقال الخرشي عند النص المذكور: ولا تستأذنه في قضاء رمضان زوجا كان، أو سيداً، وليس له أن يجبر الزوجة على تأخير القضاء لشعبان. اهـ.
وبالتالي: فإن صمت بإذن زوجك، فليس له أن يفسد صوم ذلك ولو كان نفلا، ولا تطيعيه في ذلك؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد: 33 }.

وإن كنت صمت بغير إذنه: فقد أخطأت بذلك، وله أن يقطعه إن كان نفلا، وفي قطعه له إن كان واجبا وقته موسع، خلاف، وقد رجحنا عدم جواز قطعه كما تقدم، ولمزيد فائدة راجعي الفتوى رقم: 10124.

أما ما عليك من فوائت الصلوات، فإنه يجب عليك قضاؤها حسب طاقتك بما لا يضر ببدنك، أو معاشك؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فتقضين ما تقدرين على قضائه حتى تؤدي ما عليك من دين، وقد اختلف الفقهاء فيمن عليه فوائت الصلاة، هل يتنفل مع القضاء، أم يشتغل بالقضاء قدرالمستطاع حتى يقضي سائر ما عليه، وقد فصلنا أقوالهم في المسألة، وذلك في الفتوى رقم: 173331 فراجعيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني