الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل بخواص القرآن الكريم بين المانعين والمجيزين

السؤال

كثيرا ما نسمع أن من ضاع له شيء فليقرأ مثلا سورة الضحى وبالذات ووجدك ضالا فهدى، أو إن كان في صدره مرض قرأ سورة الشرح وبالذات أول آية منها، وكذلك من يشتكي ألما في بصره فليقل مائة مرة البصير وهكذا، ويقولون إن هذا قد ثبت بالتجربة نفعه وفائدته.
سؤالي: هل التجربة كافية في أن نقوم بالعمل ولو لم يرد دليل على صحة الفعل من عدمه؟ وهل لها ضوابط شرعية إن قلنا بها أم هي على إطلاقها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرت يندرج تحت ما يسمى بعلم خواص القرآن، وأهل العلم فيها بين مضيق وموسع، فمنهم من اعتبر تخصيص آيات وسور من القرآن بفضائل، أو قضاء حاجات من دون دليل من المحدثات، كما قال الدكتور العلامة بكر أبو زيد في كتابه: بدع القراء القديمة والمعاصرة ـ قال ـ رحمه الله ـ: من البدع التخصيص بلا دليل بقراءة آية، أو سورة في زمان، أو مكان، أو لحاجة من الحاجات. انتهى.

ومنهم من اعتمد التجربة لإثبات الخواص، قال السيوطي: (النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: فِي خَوَاصِّ الْقُرْآنِ أَفْرَدَهُ بالتصنيف جَمَاعَةٌ ... وَغَالِبُ مَا يُذْكَرُ فِي ذَلِكَ كَانَ مُسْتَنَدُهُ تَجَارِبَ الصَّالِحِينَ..) انتهى من الإتقان في علوم القرآن.

قال الدكتور تركي بن سعد الهويمل في رسالته للدكتوراه والتي هي بعنوان ( خواص القرآن الكريم دراسة نظرية تطبيقية) في نتائج بحثه:

(8 ـ خواص القرآن الكريم لها أصل في الكتاب والسنة، فقد دلت آيات على أن القرآن الكريم يستشفى به، وتدفع به الأمراض والآفات، ويستفاد به مما يخشى ضرره وشره، ـ في حكم العمل بخواص القرآن الكريم يرى بعض أهل العلم التقيد والعمل بالكتاب والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبعد عن المحدثات خشية الوقوع في البدعة والمحذور الشرعي.
ويرى البعض الآخر أنه لا مانع من العمل بخواص القرآن الكريم، وأن الأصل في هذا الإباحة فلا يقتصر على ما وردت الإشارة إليه من السور والآيات القرآنية، والرقى النبوية، فالقرآن كله شفاء ورحمة للمؤمنين، وفيه نفع للمسلمين ما لم يكن في ذلك محذور من المحاذير الشرعية، وكانت القراءة سليمة، فلا حرج في ذلك العمل.

9 ـ أن ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من السور والآيات القرآنية مقدم ـ ولا شك ـ على التجربة، وما لم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم يجوز أن نأخذ فيه بالتجربة البشرية ما لم يكن هناك مانع أو محذور شرعي) انتهى.

ومن جهة العموم لا حرج في قراءة القرآن على سبيل التوسل إلى الله تعالى لقضاء الحوائج؛ لأن ذلك من جنس التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، فيشرع قراءة القرآن للتعبد وسؤال الله به ما يشاء العبد من الحاجات، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما رواه عنه عمران بن حصين: اقرؤوا القرآن وسلوا الله به قبل أن يأتي قوم يقرءون القرآن فيسألون به الناس. رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وعن عمران بن حصين أيضا أنه مر على قارئ يقرأ ثم سأل، فاسترجع ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرءون القرآن يسألون به الناس. رواه الترمذي وقال: حديث حسن ـ وصححه الألباني في صحيح الترغيب.

قال المباركفوري في تحفة الأخوذي: فليسأل الله به ـ أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة، أو المراد أنه إذا مر بآية رحمة فليسألها من الله تعالى، وإما أن يدعو الله عقيب القراءة بالأدعية المأثورة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني