الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طرق التعامل ونصح المصلي المقترف لبعض السيئات

السؤال

أنا طالب أدرس في أمريكا، ودائمًا ما أتردد إلى المسجد، ولدي صديق هناك ويصلي تقريبًا كل الصلوات في المسجد، وفي مرة من المرات مررت بجانب الجامعة ليلًا ويوجد هناك بار، فوجدته جالسًا في البار وبيده كأس، ولكن لا أدري ما إذا كان خمرًا أم لا؟ علمًا بأنني أعلم أن أصدقاءه الذين كانوا معه يشربون الخمر، ولكنه لم يرني، ورأيته أيضًا يدخن، علمًا بأنني لم أكن أعرف بأنه مدخن، لأن رائحته تكون طيبة عندما يحضر إلى المسجد، فما يجب عليّ فعله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالواجب فعله مع صديقك هو النصيحة؛ فيجب عليك أن تبادر بنصحه برفق وحكمة، وتختار الوقت المناسب للنصيحة، وتبين له أن مجرد الجلوس في تلك الأماكن يعتبر معصية ومنكرًا سواء شرب الخمر أم لم يشربها، ويزداد الأمر قبحًا والمعصية إثمًا إن شرب هو الخمر أو جلس مع قوم يشربونها، وانظر الفتوى رقم: 233377 عن حكم الجلوس في مكان يرتكب فيه محرم، والفتوى رقم: 131464 عن حكم ارتياد المقاهي التي يشرب فيها الخمر وغيره، والفتوى رقم: 131318 عن وجوب النصيحة للمسلمين، ومثلها الفتوى رقم: 180067، والفتوى رقم: 178769. كما ينبغي لك أيضًا أن تستره، ولا تحدث أحدًا بما رأيت؛ فقد رغب الشرع في ستر المسلم، لا سيما إذا كان من أهل المسجد الملازمين للصلوات فيه، فهذا ستره أولى وأحرى؛ جاء في الموسوعة الفقهية:
سَتْرُ عُيُوبِ الْمُؤْمِنِ:

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ أَوْ ذَنْبٍ أَوْ فُجُورٍ لِمُؤْمِنٍ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالشَّرِّ وَالأْذَى وَلَمْ يُشْتَهَرْ بِالْفَسَادِ، وَلَمْ يَكُنْ دَاعِيًا إِلَيْهِ، كَأَنْ يَشْرَبَ مُسْكِرًا أَوْ يَزْنِيَ أَوْ يَفْجُرَ مُتَخَوِّفًا مُتَخَفِّيًا غَيْرَ مُتَهَتِّكٍ وَلاَ مُجَاهِرٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتُرَهُ، وَلاَ يَكْشِفَهُ لِلْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ، وَلاَ لِلْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِ الْحَاكِمِ، لِلأْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى سَتْرِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ وَالْحَذَرِ مِنْ تَتَبُّعِ زَلاَّتِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الأحَادِيثِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ ... وَلأِنَّ كَشْفَ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ وَالْعُيُوبِ وَالتَّحَدُّثَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى غِيبَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَإِشَاعَةٍ لِلْفَاحِشَةِ، قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ الْعُصَاةَ؛ فَإِنَّ ظُهُورَ مَعَاصِيهِمْ عَيْبٌ فِي أَهْل الإْسْلاَمِ، وَأَوْلَى الأْمُورِ سَتْرُ الْعُيُوبِ. قَال الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ: الْمُؤْمِنُ يَسْتُرُ وَيَنْصَحُ، وَالْفَاجِرُ يَهْتِكُ وَيُعَيِّرُ ... اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني