الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المفاضلة بين الأقرب والأشد حاجة في استحقاق الصدقة

السؤال

السؤال: أنا رجل مقتدر إلى حد ما ـ والحمد لله ـ أحاول قدر استطاعتي أن أصل من حولي ممن تضرروا جراء الحرب، ونظرا لتفاقم عدد المحتاجين، فإنه لابد من تقديم البعض وتأخير غيرهم مما يوقعني في الحيرة، والسؤال هو: لمن تكون الأولوية؟ للأقرب؟ أم للأشد حاجة؟ وهل الأجدر أن أكفل عددا محدودا فأؤمن لهم كفايتهم؟ أم أوسع النطاق دون أن أؤمن الكفاية لأحد؟ هل هناك ضوابط شرعية في هذا الصدد؟ أم أن الأمر فيه يعود للاجتهاد الشخصي؟.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على حرصك على فعل الخير ومساعدة المحتاجين، ونسأل الله تعالى أن يعينك، ويبارك في جهودك، ويسدد خطاك.

ولا شك أن الأولى بالتقديم في المساعدة والتصدق هو الأشد حاجة ثم من بعده في الحاجة، وهكذا...

قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يبدأ بالأقرب فالأقرب، إلا أن يكون منهم من هو أشد حاجة فيقدمه، ولو كان غير القرابة أحوج أعطاه، قال أحمد: إن كانت القرابة محتاجة أعطاها، وإن كان غيرهم أحوج أعطاهم. اهـ
ويعلم من هذا أنهم إذا تساووا في الحاجة فحينئذ يكون الأولى التقديم بحسب القرابة.

أما بخصوص المسألة الثانية، فإن صدقة التطوع سنة، ولا حد لما ينبغي للمرء أن يتصدق به، بل يسن التصدق بما يفضل عن كفايته الدائمة دون حد أو توقيت، جاء في شرح منتهى الإرادات للبهوتي: وتسن صدقة تطوع بفاضل عن كفاية دائمة (بمتجر أو غلة أو صنعة عنه) أي: المتصدق (وعمن يمونه) لحديث: {اليد العليا خير من اليد السفلى, وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى} متفق عليه (كل وقت) لإطلاق الحث عليها في الكتاب والأخبار. اهـ

ويظهر ـ والله أعلم ـ أن الأولى في مثل الحالة التي يسأل عنها السائل هو تأمين كفاية عدد من الفقراء أو المحتاجين المستهدفين بحيث يتم إعطاؤهم ما يسد حاجتهم فترة معينة، فهذا نرى أنه أولى من توزيع المال على عدد كبير من الفقراء فلا يحصل أي منهم على ما يكفيه.

مع أن الأمر يظل قابلا للاجتهاد، والنظر فيما يحقق المصلحة، خاصة أن الصدقة المعنية صدقة تطوع، والأمر فيها واسع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني