الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما حكم استخدام بعض المواد في التداوي أو تخصيص قراءة السور لمدة معينة؟

السؤال

ما حكم العلاج على أيدي الشيوخ الذين يعالجون بالقرآن، ويستخدمون بعض العطور، أو المواد، مثل: خل التفاح، والاستحمام بها، وبعض البخور المعينة في التداوي؟ وما حكم تخصيص قراءة السور لمدة معينة من الوقت؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم أصلًا شرعيًا لاستخدام خل التفاح، أو بعض أنواع العطور والبخور، في الرقية، والعلاج بالقرآن، وإذا ثبت نفع ذلك بالتجربة، وكان من يفعله، أو يخبر بنفعه ممن يوثق بدينه، ويصدق في خبره، فلا نرى حرجًا في فعله، وإن كنا نقول: إن اجتناب ذلك أولى؛ لأنه لم يرد عن السلف فعله، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 199887، وفيها تجد الإشارة إلى خلاف أهل العلم في مثل هذه المسألة.
كما سبق لنا في الفتوى رقم: 151195، تناول مسألة الاعتماد على التجربة في مسائل الاستشفاء، ونقلنا فيها أن بعض أهل العلم ـ كالمنذري، وابن عطية، والقرطبي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن الجزري، والسيوطي، وابن عقيلة المكي، والحاكم، والبيهقي، والواحدي ـ يرون ذلك، ونقلنا أسباب المنع منه.

والمقصود أن هذه المسألة محل نظر واجتهاد، وقد ينقل فيها عن العالم الواحد ما يفهم منه المنع، والإباحة في بعض الصور، ومن ذلك ما قاله الشيخ ابن باز في أحد أشرطته: كل ما يحصل به الدواء، وليس فيه محذور شرعًا، فالأصل الإباحة، في الأدعية، والأدوية، إلا ما حرمه الشارع. اهـ.
مع أن الشيخ قد سئل عما يقوم به بعض الناس من استخدام بخور يباع عند العطارين يسمى: نقض ـ يدعون أنها تطرد الشياطين؟ فأجاب: لا أعلم لهذا العمل أصلًا شرعيًا، والواجب تركه؛ لكونه من الخرافات التي لا أصل لها، وإنما تطرد الشياطين بالإكثار من ذكر الله، وقراءة القرآن، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق... اهـ.

وعلى أية حال؛ فالبعد عن الأمور المشتبهة أولى، وأبرأ للذمة، ومع ذلك فلا ننكر على من يفعل ذلك إن كان من أهل الديانة، والأمانة.

وقريب من ذلك: مسألة تخصيص سور معينة، وقراءتها لمدة معينة في الرقية، إن استند ذلك إلى التجربة، والخبرة، بشرط أن لا ينسب ذلك إلى الشرع، قال الدكتور أحمد بن عبد الله آل عبد الكريم في رسالته العلمية للماجستير: البدع العملية المتعلقة بالقرآن ص: 415 ـ والحاصلُ أن ما خُصَّ من الرُّقى مما ليس له أصل، لا تصح نسبة تخصيصه إلى الشريعة، وإن صحَّت الرقية به لسلامته من الشرك... وإذا ثبت لبعض الرقاة في بعض الآيات أثر، فإنه لا يصح جعل هذا الأثر من فضائل السورة، أو من خصائص الآية، ولا يحق له أن يجعله شرعًا لغيره ما لم يرد لتخصيصه دليل؛ إذ إن التأثير بآية من آي القرآن قد يكون له أسباب أخرى، كيقين الراقي والمرقي بشفاء القرآن، أو قبول المحل المرقيِّ للقراءة... وفي المقابل فإنه لا يسوغ منع الراقي من الرقية بما يراه من الآيات، حتى لو اقتصر على بعضها، ما لم يزعم أن لها فضيلة، أو خاصية لم ترد بها السنة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني