الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تجوز محاكاة أصوات الآخرين وحركاتهم على سبيل التنقص

السؤال

السلام عليكم
ماذا أفعل مع أمي وأخواتي اللواتي يصلين ولكنهن مصابات بمرض، وهو أنهن يقلدن الناس كثيراً أي يقلدن حركاتهم وأصواتهم وما إلى ذلك لكي يضفن جوا من المرح والضحك وعلى رأسهن أمي، والمرض الثاني أنهن يتسرعن بالحكم على المواضيع الدينية بأن كذا حلال وكذا حرام وغالبا دون معرفة، وهذان المرضان يقضان مضجعي، وأريدهن أن يقرأن إجابتكم علهن يقتنعن؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فنسأل الله العلي القدير أن يمن على أمك وأخواتك بالهداية والرشاد ويرزقهن التوبة الصادقة النصوح مما يقمن به من المنكر، وهو محاكاة أصوات الآخرين وحركاتهم على سبيل التنقص والاستهتار، ونحو ذلك وقد توعد الله على فعل ذلك بالويل فقال سبحانه وتعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1]. قال ابن كثير رحمه الله: الهماز بالقول واللماز بالفعل يعني يزدري الناس وينتقص بهم. انتهى. وهذا نوع غيبة للمسلم بما يكره وقد قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12]. فمن يغتاب أخاه المسلم كمن يأكل لحمه وهو ميت، ولا تطيق ذلك النفوس السليمة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتدرون ما الغيبة، قالوا الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. رواه مسلم. وعلى من ابتلي بهذه البلية أن يعلم أن من اطلق لسانه في الاستهزاء بالآخرين أطلقوا ألسنتهم فيه، وما أحسن ما قال الشاعر: إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى === وحظك موفور وعرضك صين لسانك لا تذكر به عورة امرئ === فكلك عورات وللناس ألسن . وليتذكر أنه رُبّ كلمة هوت بصاحبها في النار سبعين خريفاً، وأن أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج. والمطلوب من المسلم احترام الآخرين وحسن التعامل معهم، وأن يفعل تجاههم ما يجب أن يفعلوه تجاهه، وأن يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه، وأن يكره لهم الشر والحرام كما يكرهه لنفسه، والمطلوب من المسلم أن يصرف وقته في ما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته، وإذا أراد أن يروح عن نفسه ويلهيها أحياناً فليكن ذلك بالحلال لا بالحرام. وأما القول على الله بغير علم فمن أكبر الكبائر قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، فقد جعل الله القول على الله بغير علم مثل الشرك، وقال الله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [النحل:116]. وقال تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:60]. وقال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36]. وبهذا يتبين خطر القول على الله بلا علم، فالواجب على المسلم الحذر من ذلك. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني