الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معيار الوصف بطالب العلم

السؤال

شيخي الكريم، سمعت فتوى لشيخ معين لا أدري إذا كنت قد فهمت قصده بشكل صحيح، أن طالب العلم يجب أن لا يشغله شيء عن طلب العلم، فإن شغله شيء عن طلب العلم فهو ليس بطالب علم، وإن لم يشغلك شيء عن طلب العلم، فاحمد الله؛ لأنك هنا تسمى طالب علم، وهو عالم رباني موثوق به. فهذا ما فهمته من كلامه، فلا أعلم هل فعلا هذا الكلام عند العلماء، أم إن هذا الكلام غير صحيح؟
أنا طالب في الجامعة، وأطلب العلم بقدر استطاعتي، وأحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بقدر استطاعتي، ومسائل في الفقه وغير ذلك، لكن أكثر وقتي يذهب على الدراسة الجامعية؛ لأنني مجبر عليها، وليس باختياري، وحتى إن تخلصت منها، فسيكون لدي عمل، وهكذا أكثر الناس مثلي.
فهل أنا هنا لا أسمى طالب علم، فأنا أنوي إن شاء الله أن أطلب العلم الشرعي، وأثابر عليه بقدر استطاعتي حتى موتي.
فهل أنا هنا أسمى طالب علم عند العلماء، أم لا أسمى طالب علم حتى أتفرغ لطلب العلم الشرعي حتى من الدراسة الجامعية والعمل، وهذا صعب جدا بالنسبة لي ولغيري؟
أريد أقوالا للعلماء إن أمكن بارك الله فيكم.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نسمع كلام الشيخ، ولا ندري السياق الذي قيل فيه، لذلك لا نستطيع الحكم على فهمك له، هل هو صحيح أم لا؟ لكن الواقع هو أن كل من عرف بطلب العلم من مبتدئ ومتوسط وغيرهما، يمكن أن يوصف بهذا الوصف، إلا أن طلاب العلم يتفاوتون في تحقيقهم له حسب اجتهاد كل واحد منهم في طلبه وتفرغه له، وتحصيله وانشغاله به، فيكون التفاوت بينهم في الأحقية بهذا الوصف حسب ذلك، فهذا الصحابي صَفْوَانُ بن عَسَّالٍ يقول: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وَسَلَّمْ وهو مُتَّكِئٌ في الْمَسْجِدِ على بُرْدٍ له، فقلت له: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ إني جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ، فقال: مَرْحَبًا بطالبِ الْعِلْمِ...

فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم بطالب العلم، وهو جاء ليسأل عن مسألة واحدة.

والذي ننصحك به هو أن تغتنم وقت فراغك ونشاطك، وزمن عافيتك وصحتك، وشرخ شبابك، ونباهة خاطرك، وقلة شواغلك قبل أن تكثر عليك متطلبات الحياة والزواج، وتربية الأولاد.

قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: تفقهوا قبل أن تسوَّدوا. واحذر مضيعات الأوقات، واقطع ما استطعت من العلائق الشاغلة، والعوائق المانعة عن كمال الطلب، وبذل الجهد، وقوة الجد في التحصيل؛ فإنها كقواطع الطريق، فإن الفكرة إذا توزعت قصرت عن دَرَك الحقائق، فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، وكذلك يقال: العلم لا يعطيك بعضه، حتى تعطيه كلك.

كما ننصحك أن تلزم شيخًا من الثقات الذين عرفوا بالرسوخ في العلم، وصلحت أحوالهم، والتزموا منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل. كما ننصحك بمطالعة الكتب الآتية:

1- صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل للشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

2- تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم لابن جماعة.

3- جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر.

نسأل الله التوفيق والسداد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني