الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من نصح غيره بالكذب للستر على نفسه والحفاظ على أسرته

السؤال

لي أخت متزوجة من ابن عمتي منذ ثمانية عشر عاما، ولهما من الأبناء أربعة، وظروفه المالية متعسرة لأقصى الحدود، وغارق في الدين. اتصل بي هاتفيا، وأبلغني بوجود مشكلة كبيرة بينه وبين أختي، وأنه اقترف معصية، وسولت له نفسه أن يذهب لامرأة غريبة في بيتها ليفعل الفاحشة بها، وأقسم لي أنه قد خرج من بيتها ولم يقع في الزنا، ولم يقربها، وأن الله أنقذه. وحدثت المشكلة بينه وبين أختي، بسبب أنه اعترف لها بذهابه لهذه المرأة، فقررت أختي الانفصال عنه. ولما أخبرني بمصيبته، نهرته، وأخبرته بأن يحاول أن يقنعها بأن الأمر كان كذبا، ومن وحي خياله؛ ليقنعها بأن تزيد اهتمامها به، حتى ولو اضطر للحلف كاذبا. وغرضي من هذا أن أحافظ على بيتهما، فقرر العمل بنصيحتي، فلم تصدقه، وأجبرته على القسم بالله وهو يحمل المصحف، بأنه لم يفعل، وإن الأمر كان مجرد ادعاء منه، وزادت في طلبها بأنها تكون محرمة عليه، وطالقا إن كان قد ذهب لتلك المرأة، أو لو سيكررها، وأقسم لها كذبا للخروج من المشكلة، وإنهاء الخلاف.
أعلم أن الطلاق قد وقع، وعندما أبلغني بما حدث، نهيته عن أن يجامع زوجته قبل مراجعة أهل العلم.
أرجو موافاتي برأي الشرع في الأمر، وكيفية حل المشكلة؟
وما رأيكم فيما يقع علي أنا من الإثم، وكفارته في كوني نصحته بأن يحلف لها ولو كذبا، علما بأني يعلم الله صدق نيتي في الحفاظ على بيت أختي وأبنائها؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد كان على هذا الرجل أن يستر على نفسه، ولا يفضحها، وقد أصبت بنصحك له أن يستر على نفسه، وكذبه من أجل ذلك جائز إذا تعين طريقاً للستر، وإذا لم يمكنه الستر إلا بالحلف كذباً، فلا يبعد جوازه، وانظر الفتوى رقم: 318310 وما أحيل عليه فيها من فتاوى.
أمّا تعليقه طلاق امرأته وتحريمها على فعله المنكر في الماضي، أو المستقبل، ففي وقوع الطلاق به خلاف، فالجمهور يوقعونه، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يوقع به الطلاق.

قال–رحمه الله-: وَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا يَعْلَمُ كَذِبَ نَفْسِهِ، لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. الفتاوى الكبرى.
وإذا كنت نصحت الرجل بالكذب للستر على نفسه، وأنت لا تعلم حكم الشرع فيه، فقد أخطأت، وعليك أن تتوب إلى الله، وعليك أن تحذر من الكلام في أحكام الشرع بغير علم، ولو كانت نيتك طيبة وقصدك حسناً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني