الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن للإنسان أن يرى الجن؟

السؤال

1- هل يمكن للإنسان أن يرى الجن؟ وإذا كان يمكن أن يراهم، فهل عن طريق العين أم الروح؟ 2- وهل يمكن للروح أن ترى الجن على هيئة خيالات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المقرر أن الله تعالى أعطى الجن القدرة على التشكل، فقد يظهرون في صورة إنسان، أو حيوان، وفي هذه الحال يمكن لأي إنسان رؤيتهم.

وأما وهم على صورتهم الأصلية التي خلقهم الله عليها، فجمهور العلماء يمنع رؤيتهم عليها إلا للأنبياء، حتى رد الإمام الشافعي شهادة من زعم رؤيتهم على هيئتهم؛ لقوله تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف: 27]، وراجع في ذلك، وفي الخلاف في الاستشهاد بالآية على هذه المسألة الفتويين: 126665، 172037.

وقد تناول هذه المسألة بالتفصيل الدكتور عبد الكريم عبيدات في رسالته للماجستير: (عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة من ص 29، إلى ص 42) وذكر ما فيها أربعة آراء:

1- رأي الجمهور: أن الجن يرون إذا تشكلوا في غير صورهم الأصلية، في بعض الأوقات، ولبعض الناس.

2- الفريق الثاني: يرى أن رؤية الجن مختصة بالأنبياء -عليهم السلام- فقط، وممن قال بذلك: الشافعي، وابن حزم، والنحاس، والقشيري، وبعض المحْدَثين.

3- الفريق الثالث: ينكر رؤية البشر للجن، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء، وهو قول لبعض المحْدَثين.

4- الفريق الرابع: يتوسع في دائرة الرؤية، فيثبت رؤية الجن بصورهم الأصلية للأنبياء, ولمن اختصه الله بذلك من غير الأنبياء من البشر, وهو قول الألوسي, وابن العربي، على تفصيل سيأتي فيما بعد.

ثم ذكر دليل كل قول وناقش المسألة، ثم قال: ومما تقدم لنا من الأقوال في مسألة رؤية الجن، يتبين لنا أن الحق مع الفريق الذي قال بوقوع رؤيتهم للأنبياء مطلقًا، ولغيرهم عند تمثلهم، وهو ما عليه الأكثرية من العلماء، وهو القول الذي تدعمه النصوص الثابتة من السنة النبوية، وهو الذي تشهد له التجربة مع كثير من الناس. اهـ.

وأما السؤال عن رؤية الروح للجن على هيئة خيالات؟ فلا ندري ما المقصود منه على وجه التحديد!

وإن كان المراد بذلك رؤية التخييل لا الحقيقة، فهذا محتمل، وقد ذكر الدكتور عبد الكريم أثناء بيانه لقول الفريق الثاني القائلين بأن رؤية الجن مختصة بالأنبياء شيئًا يتعلق بذلك، فقال: وروي عن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رؤية الجن ليست حقيقة، وإنما هي من باب التخييل، فعن أسيد بن عمرو قال: (ذكرنا عند عمر الغيلان فقال: إنه لا يستطيع شيء أن يتحول عن خلق الله الذي خلقه، ولكن فيهم سحرة كسحرتكم، فإذا أحسستم من ذلك شيئًا، فأذِّنوا). وعلى قول عمر؛ فإن ظهور الجن بالصور المختلفة ليس حقيقة، وإنما هو من باب التخييل، كتخييل السحرة على الرائين، ولكن الأدلة الصحيحة تثبت رؤيتهم حقيقة وليس تخييلًا، كما حصل مع أبي هريرة في الحديث المتقدم الذي أخرجه البخاري، عندما جاءه الشيطان على صورة رجل فقير ذي عيال، وغير ذلك من الأحاديث التي تثبت رؤيتهم حقيقة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني