الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منع الزوجة نفسها من زوجها المقصر في واجباته

السؤال

زوجي لا يسأل عن حالي، ولا عن حال أولادي، أو متطلباتهم المدرسية ومصاريفها، ولا يأخذنا للمستشفى في حال مرضنا، ولا يقوم بإخراجنا للتنزه في العطلات وغيرها، وأنا أقوم بكل ذلك، وأعمل في العقارات أحيانًا، وأتعب كثيرًا، وفي النهاية أصرف مما أربحه على أولادي، ولا يقوم بتقدير ذلك، فهو من العمل في البنك إلى الذهاب للمقهى والتسلية مع أصدقائه، وهذه حياته، وفي مرات عدة رأيت في هاتفه أنه يتحدث مع بنات أخريات، وواجهته بذلك كثيرًا، وكثيرًا ما نصحناه بترك المقهى والسهرات الليلية، ومحاولة فعل عمل آخر، وهو يطالب بحقوقه في الفراش بعد كل ذلك، ولا يهتم بنظافته، أو صحته، ولا أشعر برغبة أو حب تجاهه؛ لذلك لا أعطيه ذلك الحق، وخاصمته لكي يتأدب، ويحسن من أخلاقه، ومضى حتى الآن شهران لا أكلمه، ولا يكلمني، وكل واحد منا ينام في غرفة مستقلة، وأنا لا أمانع من الاستمرار في ذلك ما دام هذا لا يغضب الله عليّ، وقد طلقني مرتين، وذات مرة قال لي: يجب على أولادي أن يسددوا ديوني أولًا، ثم بعد ذلك يتزوجون، وأنا أمنعه من نفسي، فهل يجوز لي ذلك؟ وهل تجوز لي مخاصمته واستمرارنا بالعيش هكذا تحت سقف واحد كالغرباء، بأن يمسك عني وأمسك عنه، مع إسقاط بعض من حقوق كل منا تجاه الآخر؟ وهل يحق له منعي من العمل رغم تقصيره في النفقة؟ وهل يجب عليّ أن أستأذنه للخروج دائمًا؟ وهل يحق له منع أولادي من الزواج؟ وهل الله غاضب عليّ، أو قد علق قبول أعمالي الصالحة بسبب نشوزي أو مخاصمتي له؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يذهب عنك الهم، ويفرج الكرب، وييسر الأمر، ويصلح لك الزوج، ومن أولى ما نوصيك به الصبر، وكثرة الدعاء بأن يلهم الله تعالى زوجك رشده وصوابه، ويتوب عليه، ويهديه صراطه المستقيم، فهو سبحانه قريب مجيب، وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.

واحرصي أيضًا على بذل النصح لزوجك بالحكمة، والموعظة الحسنة، ولا بأس بأن يقوم بذلك غيرك ممن يرجى تأثيره عليه، هذا أولًا.

ثانيًا: لا يجوز للزوجة منع زوجها منها ما دامت لا تتضرر بما يريده منها مما شرعه الله له، هذا هو الأصل، لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن الزوج إذا كان ظالمًا لزوجته جاز لها أن تمنعه حقه في الفراش، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 129984.

ولكن هذا قد لا يكون الأصلح للمرأة؛ لكونه يزيد الأمر شقاقًا، فلتتريث فيه، ولا تعجل إليه.

ثالثًا: التهاجر على الوجه الذي ذكرت لا يجوز، وانظري الفتوى رقم: 116407.

رابعًا: أن الأصل أن لا تخرج المرأة بغير إذن زوجها إلا لعذر شرعي، ومن ذلك إن لم ينفق عليها فلها الخروج للعمل بغير إذنه، كما بيناه في الفتوى رقم: 339802.

ويجب عليها مراعاة الضوابط الشرعية من الحجاب، والحشمة، وعدم مخالطة الرجال، والخلوة بهم، ونحو ذلك.

خامسًا: ليس للرجل منع أولاده من الزواج، ولا تجب عليهم طاعته في ذلك؛ لأن الطاعة إنما تجب في المعروف، وليس هذا من المعروف في شيء، وتراجع الفتوى رقم: 76303، ففيها ضوابط طاعة الوالدين.

سادسًا: غضب الله عز وجل على الشخص، أو عدم قبوله لعمله من أمور الغيب، فلا يعلمها إلا الله تعالى.

وعلى المسلم أن يحرص على تجنب ما قد يكون سببًا في غضب الله عليه، أو ما يمنع قبول العمل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني