الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام إعطاء المعلم أسئلة امتحانات لقريبه

السؤال

عندي صديق معلم، وكما هو معروف هذه الأيام بأن أسئلة المرحلة المتوسطة لبعض المواد من الإدارة، وقد وصلت أسئلة الاختبار النهائي لمادة من هذه المواد إلى صديقي، وكان غير متأكد من أنها ستكون نفسها؛ لأنها أسئلة من المدارس الليلية. وابن أخته يدرس في المدارس النهارية، وأعطاها لابن أخته؛ ليذاكرها.
فما حكم ذلك؟
وماذا عليه أن يفعل إذا كان مخطئا، علما أنه أخبر الطالب بأن لا يعتمد عليها، وأنه ليس متأكدا من أنها ستكون نفس اختبار المادة؟
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت الأسئلة مأذونا في نشرها -وفق النظام- فلا حرج على المعلم في أن يعطيها لقريبه أو غيره، وقد سبق أن بينا أنه لا حرج في الاطلاع على أسئلة الامتحانات السابقة ما دام مأذونا فيه، وأنه لا يعد من الغش المحرم، وأما إن علم المعلم أو غلب على ظنه أن تلك الأسئلة لم يؤذن في نشرها، فإن إعطاءها لقريبه أو غيره، ضرب من الخيانة والغش، كما سلف في الفتوى رقم: 271792. ويجب عليه حينئذ التوبة إلى االله جل وعلا من ذلك.

وأما إن لم يعلم المعلم أو يغلب على ظنه أن تلك الأسئلة يمنع نشرها، ثم تبين خطؤه، وأن الأمر بخلاف ذلك: فلا إثم عليه -إن شاء الله-؛ فإن الخطأ معفو عنه شرعا، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.

قال ابن كثير: فإن الله قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه، كما أرشد إليه في قوله آمرا عباده أن يقولوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]. وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: قد فعلت". وفي صحيح البخاري، عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ، فله أجر". وفي الحديث الآخر: "إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما يكرهون عليه". وقال هاهنا: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما} أي: وإنما الإثم على من تعمد الباطل، كما قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}.اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني