الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلاق من شك هل أسمع نفسه به أم لا

السؤال

لو تلفظ شخص بصريح الطلاق، ويشك هل أسمع نفسه أم لا؟ هل يقع طلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في وقوع طلاق من تلفظ به سراً دون أن يسمع نفسه.

فقد جاء في مجمع الأنهر، في شرح ملتقى الأبحر وهو من كتب الحنفية: حَتَّى لَوْ طَلَّقَ بِحَيْثُ صَحَّحَ الْحُرُوفَ، وَلَكِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، لَا يَقَعُ. اهـ.

وفي نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج من كتب الشافعية: وشرط وقوعه بصريح أو كناية، رفع صوته بحيث يسمع نفسه لو كان صحيح السمع، ولا عارض. اهـ.
وفي شرح منتهى الإرادات -من كتب الحنابلة-: وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ، أَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ؛ وَقَعَ طَلَاقُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ. قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ مَا لَمْ يَلْفِظْ، أَوْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ بِهِ، بِخِلَافِ قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ، وَذِكْرٍ يَجِبُ فِيهَا، فَلَا يُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّعْ بِهِ نَفْسَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ، يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إذَا حَرَّكَ لِسَانَهُ بِهِ، إلَّا إذَا تَلَفَّظَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ. اهـ.

فعلى قول من يشترط لوقوع الطلاق إسماع نفسه لفظ الطلاق، فإنّه إذا شك في إسماع نفسه، لم يقع طلاقه؛ لأنّ الطلاق لا يقع مع الشك في شرطه؛ لأنّ الأصل بقاء النكاح.

قال المجد ابن تيمية -رحمه الله-: إذا شك في الطلاق، أو في شرطه، بنى على يقين النكاح. اهـ.
وننبه إلى أنّ التكلّف في السؤال، والسؤال عما لم يقع، أمر مذموم شرعاً.

قال ابن القيم -رحمه الله- واصفا حال الصحابة -رضي الله عنهم- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات والأغلوطات وعضل المسائل. ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به. فإذا وقع بهم أمر، سألوا عنه؛ فأجابهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني