الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَن تزوج من امرأة تفقد عقلها أحيانًا ولم يخبره أهلها بذلك

السؤال

أنا شاب في بداية الأربعينات من عمري، لديّ خمسة أطفال، توفيت زوجتي -يرحمها الله-، وبحثت عن زوجة أخرى تكمل معي الحياة، وتربي أطفالي، وأشار عليّ صديق بأخت متأخرة عن الزواج في منتصف الثلاثينات، رأيتها مرة واحدة لمدة عشر دقائق فقط، وتمت الخطبة، ثم رفضت أن أرى وجهها مرة أخرى، وتم الزواج سريعًا، وبعد الزواج لم أشعر بالقبول تجاهها من أول ليلة، وتحاملت على نفسي لتقبلها؛ إلا أنه في ثاني يوم من الزواج صباحًا استيقظت، فوجدتها متغيرة، وحينما سألتها عن حالها دخلت في حالة من الهياج الشديد، وقامت بضربي وسبي بالشتائم، واستمرت في هذه الحالة من الضرب والسب لي لمدة ساعتين، ثم نامت واستيقظت، ولا تتذكر شيئا مما حدث، واتصلت بأخيها ولم يستغرب مما حدث، وأتى من سفر برفقة والدتها وشيخ، وبدأ الشيخ بالقراءة عليها، فضربتني بالكف مرة أخرى، ودخلت في حالة غريبة، وكأن جنيًّا يتكلم عنها، وعلمت أنها تعاني من هذه الحالة منذ أربع سنوات قبل زواجي منها، وأن أهلها يذهبون بها إلى المشايخ دون نتيجة، ولكنهم لم يكونوا صادقين معي في هذا الأمر قبل الزواج، وأخفوا هذا الأمر وقتها، وحدثت لي حالة نفسية، ولم أستطع الاقتراب منها أبدًا، أو أن يكون بيننا أي علاقة، وانقطعت فترة عن عملي، كدت أفقد فيها عملي، وأحضرت أختي لتكون مع أطفالي؛ لأني غير مطمئن عليهم بوجودها معهم وحدها بهذا الوضع؛ خاصة أني أقيم بعيدًا جدًّا عن أهلي، وصبرت على هذا الوضع أربعة شهور، لكني لم أتحمل، وعرضت عليها أن أتزوج لكنها رفضت تمامًا، وتم الطلاق، وطلبوا مني دفع القائمة بالكامل، وهذا ما لا أستطيعه في هذا الوقت، وعرضت عليهم أخذ الذهب فقط، وكان بحوالي ستين ألف جنيه، لكنها رفضت، وأصروا على أن أدفع ثلاثين ألفًا أخرى، دفعت منها عشرة آلاف، ولم أستطع دفع الباقي، وأنا حاليًّا مدين، ولا أستطيع دفع باقي المبلغ.
أريد معرفة حقها الشرعي، وهل من حقها أخذ القائمة بالكامل مع وضعها هذا، وعدم أمانة أهلها معي من قبل الزواج، وإخباري بهذا الوضع؟ وأريد أن أعرف وضعي القانوني؛ لأنها قدمت فيّ شكوى، وهل القضية في صفي، أو في صفها، مع وجود شهود على حالتها التي تمر بها؟ علمًا بأنني تزوجت من أخرى منذ ستة أشهر، وأموري مستقرة معها -والحمد لله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فقد كان الواجب على أهل الزوجة أن يعلموك بمرضها الذي يفقدها عقلها في بعض الأحوال، وقد كان يحق لك فسخ النكاح بعد أن عرفت بمرضها، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وخيار العيب ثابت على التراخي، لا يسقط، ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى به، من القول، أو الاستمتاع من الزوج، أو التمكين من المرأة. اهـ.

فما دمت رضيت بها بعد علمك بحالها، وصبرت عليها، ثم طلقتها من غير أن تشترط عليها إسقاط شيء من مهرها، فلها جميع المهر -مقدمه، ومؤخره-، بما فيه قائمة المنقولات كلها؛ سواء في ذلك الذهب وغيره، إلا إذا رضيت بإسقاط شيء منه.

وإذا حصل تنازع في هذه المسائل، فمردها إلى القضاء.

أما عن القانون المعمول به في بلد السائل، فلا علم لنا به، وليس من اختصاصنا، ولكن يرجع في مثل هذه الأمور إلى أهل المعرفة بالقانون في بلدك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني