الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من ينذر ذبيحة فيما بين رمضان وذي الحجة

السؤال

أمي نذرت قبل سنوات أن تذبح ذبيحة، وتوزع منها على الجيران في هذه الشهور من رمضان، وحتى هلال الأضحى. ولها سنوات على هذه الحال. تسأل عن الحكم. هل تستمر؟ أم أنه يدخل في البدعة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كانت والدتكم قد خصت هذه الأشهر بنذرها اعتقادا بخصوصيتها، وفضل النذر فيها، فإن هذا الأمر بدعة، وليس لهذه الأشهر خصوصية بنذر الطاعة فيها، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ. متفق عليه. وفي لفظ لمسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات.... وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات، وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ. اهــ.
وأما إن كانت جعلت نذرها في هذه الأشهر لا لاعتقاد خصوصيتها، وإنما لتفرغها فيها مثلا، أو لكونها أوفق لها من حيث الوقت، فلا حرج في هذا النذر، ويلزمها الوفاء بنذرها لحديث: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ. رواه البخاري.
ولتعلم أن الإقدام على النذر ابتداء مكروه؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَنْذِرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ. رواه مسلم، قال في المغني: وَلَا يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْر، وَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِن الْبَخِيلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ... اهـ

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني