الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محبة النبي للقرآن وأهله وحرص الصحابة على تلاوته

السؤال

أرجو ذكر أمثلة لحب النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وتكريم أهله واهتمام الصحابة به

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن القرآن كلام الله تعالى المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لينذر به الناس حتى يهتدوا إلى الصراط المستقيم. قال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشعراء:193-194] فتلقى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب بما يليق من التعظيم والمحبة، ومن أمثلة ذلك: 1- التخلق بأخلاقه، كما روت ذلك عائشة رضي الله عنها، ففي مسند الإمام أحمد وغيره عن سعد بن هشام قال: أتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين: أخبريني بخُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان خلقه القرآن، أما تقرأ القرآن قول الله عز وجل: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]. 2- التلذذ بتلاوته مع مناجاة الله تعالى معرضا عن ملذات النفس من النوم والراحة. فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: أفلا أكون عبدا شكورا. رواه البخاري في صحيحه. 3- محبته لاستماعه من غيره فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ نَعَمْ فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا قَالَ حَسْبُكَ الْآنَ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري أما تكريمه صلى الله عليه وسلم حامل القرآن، فمن العسير حصر الأمثلة على ذلك، ونقتصر منها على ما يلي: 1- تقديمه لإمامة الصلاة على غيره. ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى. 2- إلحاق منزلته بأهل الخير، كما في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة. وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين. رواه مسلم أيضا. 3- جعل تعظيمه من الأدلة على تعظيم الله تعالى، ففي سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. أما الصحابة رضوان الله عليهم، فقد أقبلوا على كتاب الله تعالى تعلما وتعليما، وتدبرا وعملا وامتثالا لأمره واجتنابا لنهيه. ومن أدلة اهتمامهم به: 1- كانوا يحيون ليلهم مناجاة لله تعالى، كما وصفهم في كتابه الكريم: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16]. 2- خضوعهم لما فيه من توجيهات، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد وُصِف بأنه كان وَقَّافا عند كتاب الله تعالى، كما رواه البخاري في صحيحه. 3- تحسين أصواتهم بتلاوته. ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى: لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود. متفق عليه. وهذا لفظ مسلم . والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني