الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بالنضرة في حديث: نضر الله امرأً سمع...

السؤال

هل النضرة في حديث: (نضر الله ...) نضرة خلقية، أم هي نور للوجه، أم تشملهما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فبكلا القولين قال بعض أهل العلم، وقد سبق لنا نقل طرف من كلام الشراح في الفتوى رقم: 247933، وانظر أيضًا الفتوى رقم: 33433.

وقال الطيبي في شرح المشكاة: المعنى: خصه تعالى بالبهجة، والسرور؛ لما رزق بعلمه ومعرفته، من القدر والمنزلة بين الناس في الدنيا، ونعمة في الآخرة؛ حتى يرى عليه رونق الرخاء، ورفيف النعمة. وإنما خص حافظ سنته ومبلغها بهذا الدعاء؛ لأنه سعى في نضارة العلم، وتجديد السنة، فجازاه في دعائه له بما يناسب حاله في المعاملة. اهـ.

وقال ابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين: النضارة؛ وهي: حُسْن الوجه وبريقُه، فهو على حدِّ قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}، ومن ثَمَّ قال بعضهم: إني لأرى في وجوه أهل الحديث -وعبَّر بعضهم بأهل العلم- نضرةً، وجمالًا؛ لهذا الحديث، يعني: إنها دعوةٌ أُجيبتْ. وقال بعضهم: (ليس هذا من الحسن في الوجه، وإنما معناه: حسَّن اللَّه وجهه في خَلْقه؛ أي: في جاهه، وقَدْره، فهو مثل قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه"، يعني: الوجوه من الناس، وذوي الأقدار) انتهى. وهو تأويلٌ بعيدٌ، مخالفٌ للظاهر، من غير حاملٍ عليه. اهـ.

والحقيقة أن هذه الدعوة المباركة من النبي صلى الله عليه وسلم لمن سمع كلامه، ووعاه، وحفظه، وبلَّغه - وهذه هي المراتب الأربعة للعلم-، بالنضرة تتضمن جمال الظاهر والباطن معًا، فإنهما مترابطان، قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: من قام بهذه المراتب الأربع، دخل تحت هذه الدعوة النبوية، المتضمنة لجمال الظاهر والباطن، فإن النضرة هي البهجة، والحسن، الذي يكساه الوجه من آثار الايمان، وابتهاج الباطن به، وفرح القلب، وسروره، والتذاذه به، فتظهر هذه البهجة والسرور والفرحة نضارة على الوجه؛ ولهذا يجمع له سبحانه بين البهجة، والسرور، والنضرة، كما في قوله تعالى: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقّاهم نضرة وسرورا}، فالنضرة في وجوههم، والسرور في قلوبهم، فالنعيم، وطيب القلب يظهر نضارة في الوجه، كما قال تعالى: {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} والمقصود أن هذه النضرة في وجه من سمع سنة رسول الله، ووعاها، وحفظها، وبلغها، فهي أثر تلك الحلاوة، والبهجة، والسرور الذي في قلبه وباطنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني