الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قرأ بعض سورة البقرة هل ينال الثواب المرتب على قراءتها كاملة؟

السؤال

سؤالي بخصوص سورة البقرة، فأنا محتاج لثوابها وأجرها، وأن أحصل على فائدة حديث: "أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة"، فهل يجوز قراءة آيات معينة، مثل أول عشر آيات، والآية: 102، وآية الكرسيّ، وخواتيم البقرة، ولا أقرأها كاملة. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-، ومعنى قوله: فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. أي: المواظبة على تلاوتها، وتدبر معانيها، وهذا يعم جميع السورة، لا بعضها، قال القاري -رحمه الله-: وَأَفْرَدَ ثَالِثًا الْبَقَرَةَ، وَأَنَاطَ بِهَا أُمُورًا ثَلَاثَةً، حَيْثُ قَالَ: (فَإِنَّ أَخْذَهَا)، أَيِ: الْمُوَاظَبَةُ عَلَى تِلَاوَتِهَا، وَالتَّدَبُّرِ فِي مَعَانِيهَا، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا (بَرَكَةٌ)، أَيْ: مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، (وَتَرْكَهَا) بِالنَّصْبِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ، أَيْ: تَرْكُهَا وَأَمْثَالُهَا (حَسْرَةً)، أَيْ: نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا وَرَدَ: "«لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا»"، (وَلَا يَسْتَطِيعُهَا) بِالتَّأْنِيثِ وَالتَّذْكِيرِ، أَيْ: لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا (الْبَطَلَةُ)، أَيْ: أَصْحَابُ الْبَطَالَةِ وَالْكَسَالَةِ لِطُولِهَا، وَقِيلَ: أَيِ السَّحَرَةُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتُونَ بِهِ بَاطِلٌ، سَمَّاهُمْ بِاسْمِ فِعْلِهِمُ الْبَاطِلِ، أَيْ: لَا يُؤَهَّلُونَ لِذَلِكَ، أَوْ لَا يُوَفَّقُونَ لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَاهُ: لَا تَقْدِرُ عَلَى إِبْطَالِهَا، أَوْ عَلَى صَاحِبِهَا السَّحَرَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:102] الْآيَةَ. انتهى.

وفي تلاوة بعض السورة خير كثير، والله لا يضيع أجر المحسنين، لكن الظاهر أن هذا الأجر الموعود في الحديث إنما يناله من واظب على أخذ السورة بتمامها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني