الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤال حول ضابط المشقة في الجمع. أنا طالب جامعي، وأقيم في إقامة جامعية، متطوع للصلاة بالناس، وذلك لأني أكثرهم حفظا، أنا مقتنع بفتوى الجمع من أجل المشقة، فلا أرى مشقة في الإقامة الجامعية؛ لأن المسجد داخل الإقامة، وعند نزول المطر لا أرى فيه أي مشقة؛ لأنه لا ينزل بوتيرة ثابتة، تستطيع أن تنتظر حتى يهدأ، ثم تأتي، ولا أرى فيه تلك الغزارة الشديدة، لكن بعض الإخوة قالوا إنه يجب الجمع لتطبيق السنة، وكذلك يرون أن في ذلك المطر مشقة، فتأخرت عن الإمامة وتركتها لهم إذا أرادوا الجمع؛ لأني لا أستطيع أن أفعل شيئا أنا لست مقتنعا به، فيجمعون المغرب مع العشاء، ثم يذهبون إلى غرفهم، ثم يعودون عندما يفتح المطعم؛ لأن المطعم ملاصق للمسجد، فقلت لهم لو كانت هناك مشقة لما استطعتم أن تحضروا إلى المطعم، فيقولون لا توجد علاقة.
كيف أستطيع تحديد المشقة في هذا المطر؟ ماذا يقصد العلماء بالمطر الذي يبل الثياب؟ كيف يكون نزوله ووتيرته ووقته بالنسبة لوقت الجمع؟ وفي هذه الإقامة؟ وهل كان فهمي صحيحا؟ وهل تأخري عن الإمامة كان صائبا؟ علما بأني متطوع، والمسجد لا تقام فيه الجمعة إلا عندما يكون الطلبة في الإقامة، ويغلق في العطلة الصيفية، وقد اتفقنا على أنهم إذا كانوا موجودين صلوا وجمعوا، وإذا لم يكونوا تقدمت وعملت بما أرى، فحدثت بلبلة بين المصلين، تارة يجمع، وتارة لا يجمع. فهل يجوز أن أصلي بهم بفتواهم كي أتفادى الفتنة. وسامحوني على الإطالة، وعلى تشتت طرحي للمسألة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي البداية نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على الخير, وأن يوفقك لكل خير, وقد تضمن سؤالك عدة أمور, وستكون الإجابة في النقاط التالية :

1ـ الجمع بين المغرب والعشاء لأجل المطر جائز، وليس بواجب؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 133399.

ويشترط لجواز الجمع في المطر أن يكون العذر وهو المطر موجودا حال استباحة الرخصة، لأن الجمع مع عدم نزول المطر جمع بغير عذر، وقد اشترط بعض أهل العلم وجود المطر عند افتتاح الأولى؛ لأنه وقت النية، وعند افتتاح الثانية لأنه وقت استباحة الرخصة، فإن انقطع المطر قبل افتتاح الثانية لم يصح الجمع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 131911.

ويرى المالكية أن انقطاع المطر بعد الشروع في الصلاة الأولى لا يمنع الجمع, قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: ( كأن انقطع المطر بعد الشروع ) أي: أن الجماعة إذا شرعوا في صلاة المغرب لوجود سبب الجمع وهو المطر فلما صلوها أو بعضها ارتفع السبب، فإنه يجوز لهم التمادي على الجمع إذ لا تؤمن عودته، وظاهره ولو ظهر عدم عودته. أما لو انقطع قبل الشروع فلا جمْعَ إلا بسبب غيره. فالمراد الشروع في الأولى. انتهى

2ـ المطر الذي يبيح الجمع يشترط فيه أن يبل الثياب, وراجع الفتوى رقم: 195555

3ـ تبين مما سبق أن استمرار نزول المطر ليس شرطا في صحة الجمع, وبالتالي إذا بان لك انطلاقا مما ذكرنا أن شروط الجمع متوفرة, فالصواب أن تجمع بالناس إماما في المسجد المذكور, وإن لم لم تتوفر شروط الجمع, فإنه لا يجوز, ولو أراد ذلك جماعة المسجد, بل انصحهم والحالة هذه، وبيّن لهم الحكم الشرعي في هذه المسألة, ويكون ذلك بحكمة, ورفق, مع الابتعاد عما يثير الشحناء والفرقة بين المسلمين. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 197489.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني