الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حسن الظن والأخذ بالأسباب للزواج

السؤال

أحسن الله إليكم. أرجو الإجابة على هذه الفتوى تحديدا. بالمختصر: الحمد لله رب العالمين
حدثت لنا ظروف في عائلتنا أدت إلى بعض ما يسمى بالفضيحة؛ لأن أخي لديه بعض الظروف، وقد تكون انتشرت في البلدة. القصة باختصار أنا وأختي لم نتزوج بعد، ونخشى أن السمعة تؤثر في موضوع زواجنا؛ لأن أختي الكبرى تقول لي: إنه بعد هذه السمعة لن يأتي أحد للزواج منا، قلت لها: إن الله على كل شيء قدير، ولازم نحسن الظن بالله، فقالت لي: الأمور ليست هكذا، وهذا الأمر لا يتعلق بحسن الظن بالله، فلذلك لا تتعلقي بالأمل الكاذب؛ لأنه بعد هذه السمعة لا أحد سيتشرف أن يأخذ منا؛ لذلك انسي قصة الزواج، ولا تتعلقي زيادة حتى لا تصدمي، وحسن الظن بالله يكون له أسباب وعمل. أحسن الله إليكم. ما رأيكم بهذا الكلام في هذه الظروف؟ وكيف أبذل الأسباب وأنا فتاة عاطلة عن العمل، ولا نخرج من المنزل إلا في القليل النادر؟ أريد ردكم بالمنطق والدين. وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته صحيح، وأمر لا شك فيه، وهو أن الله على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير، وحسن الظن به مطلوب شرعا، وكون المرء في ظرف حالك لا يمنع من أن يحسن الظن بربه تبارك وتعالى، وأمامنا قصة كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم جميعا، وقد كانوا في لحظة عصيبة وصفها الله في كتابه، وبين أن المخرج كان في حسن ظنهم بالله، قال سبحانه: وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:118}.

وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة. وجاء في رواية لمسلم: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني.

إذن؛ فالدعاء مطلوب، وإن عظم الكرب، ويتأكد الدعاء في مثل هذه الحال، وعدم اليأس من رحمة الله، فاليأس من رحمته أمر مذموم، قال تعالى: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.

والزواج نوع من الرزق، وسيأتي بإذن الله تعالى كلاً منكما ما كتبه الله لها، فالمطلوب فعل الأسباب، ومنها ما ذكرنا من الدعاء وإحسان الظن بالله، وكذلك الاستعانة بالثقات من الأقرباء الثقات والصديقات الصالحات.

فلا حرج على المرأة في أن تبحث عن الزوج الصالح، كما أوضحناه في الفتوى: 18430.

وكون المرأة لا تخرج من بيتها لا يعني أنها لن تتزوج، بل قد يكون ذلك من دواعي رغبة الرجال فيها، وقد تحرم من الزواج المرأة الخراجة الولاجة، وهذا مشاهد وواقع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني