الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توجيهات للابتعاد عن الذنوب

السؤال

بدايةً: أودُّ أن أتقدم بجزيل الشكر للعاملين في هذه الصفحة، على جهودهم الجبارة في خدمة ديننا الحنيف، سائلًا المولى عزّ وجل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
نشأت في أسرة ملتزمة، وكنت أرتاد المسجد، وحلقات التحفيظ منذ صغري؛ حتى أتممت حفظ كتاب الله، وزرت بيته الحرام معتمرًا، ومع بدء سن المراهقة مررت بكثير من رفقاء السوء، فتعلّمت منهم بعض السلبيات، ولحسن الحظ كان الإنترنت في بلدي يحجب المواقع الإباحية، فلا يستطيع المرء بسهولة أن يدخلها، وإن دخلها، فهو يُعرّض نفسه للمساءلة.
بدأت نقطة التحوّل بأن سافرت لألمانيا لأكمل تعليمي الجامعي، وبقيت على ديني -ولله الحمد والمنة-، ولكن الأمر الوحيد الذي يُعكّر صفو حياتي هو أني ابتليت بمشاهدة الأفلام الإباحية الخليعة، وممارستي للعادة السرية منذ زمن؛ لدرجة أنني بعدها مباشرة أُصاب بنوبة شديدة من الإحباط، وجلد الذات على ما فعلت، وسُرعان ما أدعو الله، وأتوب إليه، وأغتسل وأصلي فروضي.
الجميع يذكرني بالخير، ولا أحد يعلم بذنبي سوى الله، وهذا الأمر يجعلني متناقضًا مع نفسي: فكيف لي أن أكون عابدًا لله وحده، وأبارزه بالذنوب في آنٍ واحد!
لم أكتب لكم رسالتي هذه إلا لأنني أخاف على نفسي من أن ألقى الله وأنا بهذه الحالة السيئة.
سبق لي مرات عديدة أن تبت، وعاتبت نفسي، ولكن ما هي إلا فترة وأعود.
حاولت أن أضع برامج لكي أحجب هذه المواقع، ولا أعود لها، ولكن سرعان ما أُزيل الحجب، وأعود لها من جديد.
وضعت صورًا وشعارات إسلامية في غرفتي، مثل: "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك"، و"الله شاهدي، الله ناظري، الله ينظر إليّ"، ولكنها أيضًا لم تجدِ نفعًا.
سجلت بنادٍ رياضي؛ لكي أستغل وقتي، ولا أدع لنفسي وقت فراغ، إلا أنني في لحظة ضعف أعود لها.
ما يثيرني ويجعلني أبغض نفسي أحيانًا هو حقارة ودناءة ما أقوم به، ومع علمي المطلق بأن الله الرقيب يراقبني، أذهب لإغلاق باب غرفتي، وأفعل المعصية التي سرعان ما تنقضي، ويعقبها الشعور بالذنب، فكيف أتغلب على لحظة الضعف هذه بالذات!؟ وهل سيبقى هذا الحاجز يُراودني؟ وهل من حل يغير حياتي؟ وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فشعورك بالألم، ووخز الضمير على ما تفعله، دليل على أن قلبك -والحمد لله- قلب حي، وأنك -بحمد الله- على خير، فإن المؤمن هو من تسره حسنته، وتسوؤه سيئته، ولكن ليس لك أن تقف عند هذا الحد، بل لا بد من السعي في علاج جذري لهذه المشكلة.

وأول طريق ذلك: المجاهدة الصادقة، ولا تمل من التوبة مهما تكرر منك الذنب، بل كلما عدت، فعد وتب، وإذا عدت ثانية، فعد وتب.

واستمر في مجاهدة نفسك حتى يمنّ الله عليك بالتوبة النصوح، التي لا تعود بعدها لهذا الذنب.

وعليك بمصاحبة أهل الخير، ومن تذكرك صحبتهم بالله تعالى، فينبهونك إذا غفلت، ويذكرونك إذا نسيت.

وانخرط في أنشطة دعوية، وتثقيفية، وتعليمية، كحفظ القرآن، وطلب العلوم الشرعية، ونحو ذلك.

واجتهد في الدعاء، والابتهال إلى الله تعالى أن يصرف عنك السوء والفحشاء، ويجعلك من عباده المخلصين.

ولو أمكنك الزواج عاجلًا، فهو أنجع علاج لداء الشهوة المستعرة، وإلا، فأكثر من كبح جماح نفسك بالصيام.

وأكثر الفكرة في أسماء الرب وصفاته.

وأكثر الفكرة في الموت، وأنه قد يدركك في أي وقت.

وتفكر كذلك فيما بعد الموت من الأهوال العظام، والخطوب الجسام -نسأل الله أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني