الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس عيبا أن تستشير المرأة زوجها في كل أمورها

السؤال

يافضيلة الشيخ إني زوجة وأم لطفلين المشكلة هي أن زوجي في بداية زواجنا وبعد أن أنجبت طفلي الأول بدأ يعلن في أي زيارة لأصدقائه بأنه يريد الزواج من أخري وعندما أتحدث إليه كان يقول بأنه يمزح وأن أصدقاءه يعرفون ذلك وأنت تعلم أن الناس ليس لها إلا الكلام الخارج وتصدق أي شيء المهم أنني كنت أكتم بداخلي حتي هذه الفترة يسيء إلي بالقول لن أقول بأنني لم آخذ ردة فعل فقد كانت ردة فعلي عدم الاهتمام بشؤون بيتي إلا بالجزء اليسير حتي أنه إذا قرر الزواج أوهم نفسي بأنه تزوج بسبب إهمالي حتي أنني أصبحت أمام صديقاتي زوجة ليس لها رأي وأنني تابعة لزوجي لأنني أي شيء أقول لهم أسأل زوجي فأنا أقوم على أن أرفع شأن زوجي وأنه السيد في كل شيء حتي أنني لا آخذ قرارا بحضور التجمعات النسائية إلا بإذنه وأن يقوم هو بتوصيلي إن قبل هو ذلك فلا أقول لإحداهن تعالي قومي بتوصيلي بعكس زوجي لا يهتم بذلك ويجعلني للأسف وكأني لا شيء إن جاء أحد من أصدقائه في وليمة وأعجبه صنف ما بدلا من أن يسألني يقوم هو بشرح طريقة طهيه وأكون أنا بالداخل سامعة ما يقوله ولا أشرع في شرح طريقة إعداده لأني كنت انتظر أن يقوم زوجي بسؤالي ويأذن لي في التحدث بمعني أنني فضلت أن أكون زوجة مطيعة لزوجها إلا أنه للأسف لم يفهمها بهذه الصورة وإنما فهمها على أنني ليست لي شخصية وأن شخصيتي ضعيفة أقول ذلك لأنه هو الذي قال لي بأنه يجب أن يكون لي شخصية والآن أشعر بأنني بدأت أتمرد على حياتي الزوجية معه وأصبحت أخالفه في الشيء الذي يقوله فهل عندما تستأذن الزوجة زوجها في أي شيء تكون شخصيتها ضعيفة؟
اعترف بأنني آخذ برأي زوجي في كل شيء وآسفة على الإطالة.
ولكم مني جزيل الشكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأساس الحياة الزوجية هو المودة والرحمة وحسن الخلق والاحترام المتبادل، فعلى الزوج احترام زوجته ومراعاة مشاعرها، والحفاظ على الود والرحمة التي جعلها الله بينهما: وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم: 21}. ومعاشرتها بالمعروف: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}. وإكرامها فإن إكرام المرأة دليل على الكرم والنبل، وإهانتها دليل على الخسة واللؤم، فما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم.

وعلى الزوجة معرفة عظم حق زوجها عليها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها. قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل: قال: أمه. رواه البراز والحاكم بإسناد حسن.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها. رواه أحمد والنسائي والترمذي، فالواجب عليها أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها وماله، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه.

أما قيامك أختي السائلة بإهمال شؤون بيتك وواجباتك المنزلية، فهذا خطأ منك ومضر بك أنت أولاً، لما قد يؤدي إليه من زيادة الخلاف والنزاع، وهذا ما يهدف الشيطان للوصول إليه من خلال وسوسته إليك بهذا التصرف غير السليم، وليس عيبا أن تستشير المرأة زوجها في كل أمورها، وليس ذلك من ضعف شخصيتها، بل هو من كمال عقلها وأن تستأذنه في الخروج من البيت، بل يجب عليها أن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه.

وننصحك أختي السائلة بترك هذه الوساوس وعدم الاستماع لرفيقات السوء اللاتي يحرضن المرأة على عصيان زوجها بحجة إثبات الشخصية ونحو ذلك، وبالتقرب من زوجك أكثر وفهم شخصيته وجعله هو أيضاً يفهمك ويعرف ما تحبين وما تكرهين من تصرفاته.

وليس من إثبات الشخصية التمرد على زوجك، بل عليك إثبات شخصيتك بجعله يحبك ويحترمك، ولن يكون ذلك بالتمرد والعصيان، بل بالطاعة وحسن التبعل، وقد قيل قديما كوني له أمة يكن لك عبداً.

واعلمي أنك بطاعتك لزوجك وصبرك على ما لا ترضينه من خلقه إنما تتقربين بذلك لمولاك وخالقك الذي وعد المرأة على لسان نبيه بالجنة إن ماتت وزوجها عنها راض، فقد روى الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. وجعل طاعتها لزوجها تعدل الجهاد في سبيل الله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة (وهي أسماء بنت يزيد الأنصارية) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أجروا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك كله، وقليل منكن من يفعله. رواه البزار والطبراني.

هذه نصوص الوحي لو تأملتها لعلمت أن ما تظنينه أو يظن غيرك أنه ضعف شخصية هو شيء تتقربين به إلى الله وتفوزين به برضاه وجنته، ولا بأس أن تخبري زوجك ببعض التصرفات التي تزعجك منه، وليكن ذلك بهدوء وأسلوب حسن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني