الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الداعية المبتلى بالمعاصي

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله ربّ العالمين, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وبعد: لا أريد أن أطيل عليك بكلماتي ولكني مبتلى بالمعاصي وأشكو إلى الله ثم إليك حالي إنني شاب في الثالثة والعشرين من عمري متدين كما يبدو من مظهري وأحضر مجالس العلم (شيء قليل) وأستمع للأشرطة الدينية بكثرة وعندي كتب ونشرات دينية ولكن كل هذا وأنا أواقع معصية الاستمناء التي ابتليت بها مع النظر إلى الفتيات الكاسيات العاريات الاتي قد كثرنّ في بلادي وخصوصا في الجامعة وقد حاولت جاهدا التخلص من هاتين المعصيتين ولكن كل مرة أفشل ويكون حالي بعد الفشل أسوء من قبله فإنني أزيد في كمية المعصية إنني أعاني من هاتين المعصيتين التي تجر الواحدة منها الأخرى فإذا تبت من النظر جرّ إليه الشهوة والاستمناء الذي لا أستطيع تركه وإذا تبت من الاستمناء جر إليه النظر الذي لا أستطيع منعه فأنا أمام هاتين المعصيتين منهزم تماما حاولت التوبة مرارا ولكن بعد يومين أو عدة أيام لا تتجاوز الأسبوع أعود للمعصيةأكتب إليك ليس لشكوى لك وإنما لتنصحني وتبالغ في نصيحتي وأرجو منك أن تراعي ظرفي ولا تقل لي أين هذا التدين الذي تكلمت عنه في أول رسالتك فإني أحب الله ورسوله فلولا الله ما كتبت لك ولكن تغلبني نفسي وشهوتي فلا أقوى على ردهما فأقع في هذه المعصية أرجوك أن تنصحني وترشدني إلى طريقة أستطيع بعون الله وكرمه وباتباعها أن أتخلص من هذه المعاصي التي جعلتني من العصاة المصرين على معصيتهم وخصوصا وأنا أدعو إلى الله وإلى دينه فكيف أدعو وأنا على هذه الحال من المعاصي؟ وجزاك الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله الذي من عليك بالهداية ولزوم طريق الحق، ونسأل الله أن يمن عليك بالتوبة النصوح مما أنت واقع فيه من النظر المحرم وما يجر إليه من ارتكاب العادة السرية، فجاهد نفسك وتوكل على الله ولا تيأس، وخذ بجميع الأسباب المؤدية إلى الإقلاع عن هذا الذنب من قبل أن يدهمك الموت وأنت مصر عليه، وانظر الفتوى رقم: 9195، والفتوى رقم: 7170 فإنهما بالغتا الأهمية.

ومن أهم أسباب العلاج دعاء الله عز وجل بذل وإلحاح أن يصرف عنك هذا البلاء، وأن يرزقك العفاف، وأن ييسر لك الزواج بامرأة صالحة، والتمس في دعائك أوقات الإجابة، والتزم آداب الدعاء، وانظر ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23599، 17449، 32655، 8581.

وكذلك من الأسباب: سرد الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كسر الشهوة وتهدئتها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

ومن أعظم أسباب العلاج عدم الذهاب إلى الأماكن التي توجد فيها النساء المتبرجات فإن في ذلك تعريض دينك للخطر، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53912، 5310، 4030، 2523.

ولتكن لك رفقة صالحة تتعاون معها على الخير، لأن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.

كما ننصحك بالاستمرار في المجال الدعوي واحذر من تلبيس الشيطان، فإن الوقوع في المعصية ليس مسوغاً لترك الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان أولى الناس بالامتثال هو الداعية، ولقد أُتي بأبي محجن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شرب الخمر ليُحدّ يوم القادسية، وقبل أن يُحد طلب من امرأة سعد بن أبي وقاص أن تحل وثاقه ليجاهد في سبيل الله، فذهب وقاتل الفرس قتالاً شديداً ثم عاد ووضع القيد في يده، ولم تمنعه معصيته من بذل الجهد في خدمة هذا الدين.

وإن الذي يترك الدعوة إلى الله بحجة أنه واقع في المعصية، قد جمع على نفسه إثم المعصية والتفريط في واجب الدعوة وتفويت الأجر المترتب على دعوة الناس إلى التمسك بدين الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني