الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة.

السؤال

إذا أصاب شئ بسيط من النجاسة الثوب (كالغائط مثلا) فماذا عليه في الحالتين التاليتين؟: - إذا صلى ولم يكن يدري بوجودها ثم فيما بعد علم بذلك.- إذا كان يعلم بوجودها وفي نيته إزالتها ولكنه نسي و صلى ثم تذكر بعد ذلك بحين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:


فلا شك أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم، منهم: ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. انظر المغني ( 1/713) لابن قدامة. ومن الأدلة على ذلك: قوله تعالى: ( وثيابك فطهر) [المدثر:4] وحديث أسماء رضي الله عنها -قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب؟ فقال: " اقرصيه وصلي فيه" وفي رواية: " فإن رأت فيه دماً فلتقرصه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، وتصلي فيه" رواه أبو داود. ولا شك أن النجاسة المؤثرة هي التي لا يعفى عنها، أما إن كانت مما يعفى عنه، فلا حرج على المرء أن يصلي بها مثل: أثر الاستنجاء (اليسير) وأثر الدم…الخ. أما بخصوص من صلى وعلى ثوبه نجاسة -لا يعفى عنها- فإن صلى وهو عالم بها، فلا تصح صلاته، لأنه خالف أمر الله ورسوله، فوجب عليه إعادة الصلاة، وإن صلى وهو متلبس بالنجاسة على الثوب، لكن جهلها حتى فرغ من الصلاة، ففي هذه المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: لا تفسد صلاته. وهو قول: ابن عمر، وعطاء، وسعيد ابن المسيب، وسالم، ومجاهد، والشعبي، والزهري، وإسحاق، وابن المنذر، والشافعي في قول، وأحمد في رواية ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
والثاني: يعيد الصلاة وهو قول: أبي قلابة، والشافعي في الأصح، والإمام أحمد في رواية، وعليها المذهب، لأنها طهارة مشترطة للصلاة، فلم تسقط بجهلها، كطهارة الحدث.
والقول الثالث: قول ربيعة ومالك: أنه يعيد ما كان في الوقت ولا يعيد بعده. انظر المجموع للنووي ( 3/162) المغني لابن قدامة ( 1/714) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ( 1/68).
أما بخصوص المسألة الثانية: وهي: ما إذا كان يعلم بوجود النجاسة، وفي نيته إزالتها، ولكنه نسي وصلى، ثم تذكر بعد ذلك ففي وجوب الإعادة عليه خلاف بين العلماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها، أو جهلها ابتداء، لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه، ثم خلعهما في أثناء الصلاة، لما أخبره جبريل أن بهما أذى، ومضى في صلاته، ولم يستأنفها، مع كون ذلك موجوداً في أول الصلاة، لكن لم يعلم به، فتكلفه للخلع في أثنائها، مع أنه لولا الحاجة لكان عبثاً أو مكروهاً….يدل على أنه مأمور به من اجتناب النجاسة مع العلم، ومضيه يدل على العفو عنها في حال عدم العلم بها….الخ ( مجموع الفتاوي 184-185 /22 ) وعلى هذا فالراجح - والله أعلم - أنه لا تجب الإعادة في المسألتين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني