الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا مساواة بين الشرك والزنا وخطورة تفسير القرآن دون الرجوع لكلام أهل العلم

السؤال

يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النور الآية 3الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
السؤال: يرجى توضيح معنى (أو) في هذه الآية الكريمة وهل يعني أن الزنا يساوي الشرك لأن أو هو حرف مطابقة أو مماثلة ومعادلة وكما أن سيدنا يوسف عليه السلام الذي عصمه الله تعالى من الزنا وكما جاء لنا ذلك في سورة يوسف من القرآن الكريم الآية 38 في قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} هنا وصف سيدنا يوسف الزنا بالشرك بالله تعالى لأن النسوة طلبن منه أن يوافقهن على الزنا معهن والعياذ بالله تعالى واستغفر الله تعالى لهذا يقول: (ما كان لنا أن نشرك بالله) أي أن الزنا هو الشرك أيضا لأن سبب دخول سيدنا يوسف السجن هو ليس السرقة أو القتل أو مخالفة الملك أو خرق قوانين عصره إن سبب دخوله السجن هو أن النسوة طلبن منه مطاوعة سيدنا يوسف لرغباتهن أي الزنا معهن والعياذ بالله تعالى وأستغفر الله تعالى عن هذا الكلام الذي لا يتفق مع سيدنا يوسف عليه السلام فهل إن الزنا يساوي الشرك بالله تعالى بموجب هاتين الآيتين الكريمتين يرجى الإجابة.
وجزاكم الله تعالى خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه يتعين على المسلم عدم الخوض في تفسير القرآن من دون اعتماد على كلام أهل العلم أو استدلال بلغة العرب التي نزل بها القرآن، وليعلم أن أو تفيد التخيير بين الشيئين مع معاني أخرى ذكرها شراح الألفية وابن هشام في المغني وأوضح المسالك، ولم يذكروا منها المعادلة والمطابقة، ولا يلزم أن تفيد التساوي بين الشيئين، فلو قال رجل لآخر خذ من مالي درهماً أو ديناراً فلا أحد يفهم من هذا تساوي الدينار والدرهم، ولا أحد يفهم من قوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229}. أن الإمساك والتسريح متساويان، وقد قدمنا في فتاوى سابقة أن معنى آية النور أن الزاني لا ينكح أي لا يطاوعه على الزنا إلا زانية أو من هي أخس منها كالمشركة، فراجع الفتوى رقم: 2403، والفتوى رقم: 62719 ، والفتوى رقم: 6996.

ويدل لعدم تماثل وتعادل الشرك والزنى ما في حديث الصحيحين عن ابن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: ثم أي، قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أي، قال: أن تزاني بحليلة جارك.

فقد جعل الزنى في هذا الحديث أقل شأناً من الشرك، وأصرح من هذا ما في حديث الصحيحين عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق.

وقد نقل النووي في شرح مسلم الإجماع على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هو مؤمنون ناقصوا الإيمان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني