الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الزوج لا يسقط بإنفاق الزوجة أو عملها

السؤال

أعلم أن للزوج حقوقا عظيمة على زوجته وفي الحديث أنها حتى لو لحست الصديد من تقيح جلده ما أدته حقه, وأيضا لو كان لأحد أن يسجد لغير الله لأمرت الزوجه أن تسجد لزوجها، والسؤال هو: كان ذلك قديما عندما كان الزوج يحمي زوجته ويصرف عليها ويرعي حقوقها وكانت هي حتي لا تكاد تخرج من منزلها، ولكن كيف ذلك الآن والزوجة تصرف علي المنزل مثل زوجها بل أكثر منه في معظم الأحوال وترعى شؤونا بنفسها وأيضا ترعى شؤون الأطفال وتعمل كأنها رجل وامرأة في نفس الوقت، وذلك لظروف الشباب هذه الأيام، فكيف إذا يكون لزوجها كل هذا الحق مع أنه يتحمل أعباء أقل منها بكثير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن جميع ما ذكرت أيتها الأخت السائلة مما كان يجب على الزوج في الزمن الماضي هو واجب عليه في الزمن الحاضر، وكون المرأة تعينه في نفقة البيت والأولاد فإن ذلك ليس واجباً عليها، فلها أن تمتنع عنه في أي لحظة دون أن يلحقها بذلك إثم ولا لوم، ولذا فإن حق الزوج الذي قرره الشرع لا يسقط بإنفاق الزوجة أو عملها، ثم إن الدرجة التي فضل الله بها الرجال على النساء لا تقتصر على قضية الإنفاق عليها أو حمايتها بل تصل إلى أمور أخرى، وليس للعبد أن يعترض على حكم خالقه ومولاه، فهو سبحانه الحكيم العليم، قال الله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ {القصص:68}، فاختار السماء وفضلها على الأرض، وخلق الأشهر واختار منها الأشهر الحرم، وفضل مكة على المدينة، وفضل جبريل وميكائيل على سائر الملائكة، وفضل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء، وفضل جهة القبلة على سائر الجهات، وفضل جنس الرجال على جنس النساء مع أنه قد يوجد من أفراد النساء من هي أفضل من مئات الرجال.

وقد تكلم العلامة الطاهر ابن عاشور في تفسيره لقوله تعالى: ولِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةً. بكلام عظيم الفائدة، ومما قاله رحمه الله تعالى: وهذه الدرجة هي ما فضل به الأزواج على زوجاتهم:

- من الإذن بتعدد الزوجة للرجل، دون أن يؤذن بمثل ذلك للأنثى، وذلك اقتضاه التزيد في القوة الجسمية، ووفرة عدد الإناث في مواليد البشر.

- ومن جعل الطلاق بيد الرجل دون المرأة، والمراجعة في العدة كذلك، وذلك اقتضاه التزيد في القوة العقلية وصدق التأمل.

- وكذلك جعل المرجع في اختلاف الزوجين إلى رأي الزوج في شؤون المنزل، لأن كل اجتماع يتوقع حصول تعارض المصالح فيه، يتعين أن يجعل له قاعدة في الانفصال والصدر عن رأي واحد معين من ذلك الجمع، ولما كانت الزوجية اجتماع ذاتين لزم جعل إحداهما مرجعاً عند الخلاف، ورجح جانب الرجل لأن به تأسست العائلة، ولأنه مظنة الصواب غالباً، ولذلك إذا لم يمكن التراجع، واشتد بين الزوجين النزاع، لزم تدخل القضاء في شأنهما، وترتب على ذلك بعث الحكمين كما في آية: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا. ويؤخذ من الآية حكم حقوق الرجال غير الأزواج بلحن الخطاب، لمساواتهم للأزواج في صفة الرجولة التي كانت هي العلة في ابتزازهم حقوق النساء في الجاهلية، فلما أسست الآية حكم المساواة والتفضيل بين الرجال والنساء الأزواج إبطالاً لعمل الجاهلية، أخذنا منها حكم ذلك بالنسبة للرجال غير الأزواج على النساء.

- كالجهاد وذلك مما اقتضته القوة الجسدية.

- وكبعض الولايات المختلف في صحة إسنادها إلى المرأة.

- والتفضيل في باب العدالة.

- وولاية النكاح والرعاية، وذلك مما اقتضته القوة الفكرية، وضعفها في المرأة وسرعة تأثرها.

- وكالتفضيل في الإرث وذلك مما اقتضته رئاسة العائلة الموجبة لفرط الحاجة إلى المال.

- وكالإيجاب على الرجل إنفاق زوجه، وإنما عدت هذه درجة، مع أن للنساء أحكاماً لا يشاركهن فيها الرجال كالحضانة. انتهى.

فلهذه الوجوه وغيرها كان حق الرجل على زوجته عظيماً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني