الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطأ أحد الزوجين لا يسوغ طغيان الآخر عليه

السؤال

والدي رجل يبلغ الـ70 عاما، وقد أصيب بكسر منذ عام ونصف أقعده عن الحركه نهائيا وتقوم والدتي على رعايته، ولكنه طول عمره يسيء معاملتها ويسبها ويضربها بالرغم من أنها كانت متحملة مسئوليتنا كاملة ونشهد جميعا بأنها لم تكن تسيء إليه أبدا وتقوم بواجبات أبنائها وبيتها على أحسن وجه وبرغم ما حدث له وقيامها على خدمته من أكل ونظافه وخلافه ألا أنه يسبها ويسيء إليها مما يوغر صدرها وقد تتلفظ ببعض الكلمات وتشكو من أن نفسيتها تعبت وأن الحمل ثقيل، وكلما نقول لها تحملي وجزاؤك عند الله وقد يكون هو طريقك إلى الجنه تقول أخاف أن يتسبب بدخولى النار، فما رأي فضيلتكم وكيف نعينها على التحمل، علما بأننا بعيدون عنها ولا نستطيع مساعدتها على هذا الحمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حق الزوج على زوجته عظيم جداً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بيانا لذلك وتنبيهاً إليه: لا يصلح بشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه. رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب بلفظ آخر فيه تقديم وتأخير.

قال المناوي في فيض القدير: إن حق الزوج على زوجته عظيم لا تستطيع تأديته والمراد الحث على طاعة الزوج وعدم كفران نعمته.

إذن فما تقوم به والدتك هو من ذلك الحق العظيم وقد أحسنت فيه، ولكن ينبغي أن تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمة الحصين بن محصن: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك. رواه أحمد والنسائي والبيهقي.

وقال: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. رواه الترمذي وقال حسن غريب.

فإذا علمت ذلك فإنه مما يخفف عنها لأواء ما تجد من زوجها فتصبر على رعايته والإحسان إليه وليس عليها إثم بعد ذلك إذا هي بالغت في رعايته وخدمته ولم تسأله إلا ما عجزت عنه، فربما يصيبه الخرف وتغير العقل لكبر سنه أو حدة الطبع للضعف والعجز عما كان يقوم به في شبابه، فلا تؤاخذ هي بذلك إذا أدت ما عليها وهو سبيلها إلى الجنة بإذن الله وحاجز لها من النار، وما تجده من أذى قد يكون من الشيطان ليصدها عما تفعله من الخير، فينبغي أن تحاربه بالصبر على أذى زوجها وما تجده منه، وانظر الفتوى رقم: 21474.

وقد بينا أن خطأ أحد الزوجين وتقصيره في حق الآخر لا يسوغ طغيان الآخر عليه، وذلك في الفتوى رقم: 20155.

وينبغي نصح الأب بحكمة ولطف فإن ذلك من بره وحجزه عن الظلم، كما بينا في الفتوى رقم: 9647، والفتوى رقم: 64743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني